في كل رمضان في صلاة التراويح ختماً كاملاً، يجعلونه ليلة السابع والعشرين من رمضان وأن الحنفية يجعلون الختم ليلة التاسع والعشرين من رمضان". والنابلسي حنفي المذهب.
ثم قال: "وجلسنا في الروضة الشريفة حين أذن العشاء، واجتمع الناس وحضر العلماء والأعيان، والأكابر على طبقاتهم، كل واحد منهم له سجادة مبسوطة في مرتبته، وحضر مفتي الحنفية، ومفتي الشافعية، وقاضي المدينة، وشيخ الحرم، وخدام الحجرة المطهرة، والخطباء والأئمة كلهم، وكان الشريف سعد بن زيد أمير الحجاز قد سافر قبل ذلك مع أولاده وعساكره إلى جهة مكة" أي أنه لم يحضر لسفره. ولعل هذا يشير إلى حضور الأمير في مثل ذلك اليوم.
قال: "وحضر المؤذنون كلهم فأقاموا الصلاة، وصلى الإمام بالناس كلهم صلاة العشاء". أي أنهم جميعاً صلوا بصلاة إمام واحد فريضة العشاء على غير المعتاد في بقية الأيام. وذلك تمهيداً لصلاتهم جميعاً التراويح بإمام واحد ولذا قال: "وكانت النوبة في الإمامة للشاب الفاضل حادي الفضائل السيد عمر بن السيد السمهودي الشافعي". أي أن إمامة الشافعية موزعة على عدة أشخاص من الشافعية أنفسهم ويتناوبون الصلاة بالشافعية وكذلك الحال عند الأحناف لهم عدة أئمة كما تقدم بيان عدد الجميع.
ثم قال - وهو محل شاهد -: "ثم صلى بهم التراويح إلى أن فرغ منها". أي أن الإمام الشافعي وهو السيد عمر بن السيد السمهودي شافعي المذهب صلى بالجميع التراويح تلك الليلة إلى أن فرغ منها.
ثم قال مبيناً صورة الختم وحفاوتهم به: "فاجتمع المؤذنون في الروضة الشريفة وأنشدوا القصائد النبوية المشتملة على المديح، وذكر الروضة، والمنبر والحجرة المطهرة وحصل الخشوع والبكاء. وأنشدوا القصائد في وداع شهر رمضان، وضج الناس بذلك، وكانت الهيبة العظيمة والجلال والخشوع.
وقد أشعلوا الشموع الكثيرة، وصفوها في الروضة الشريفة والقناديل العديدة موقدة ومباخر الطيب بالعنبر والعود دائرة، وماء الورد كأنه سحابة هامرة وكل جماعة من الحاضرين قدامهم طبق موضوع من الزهور والفل والفاغية، وأنواع الرياحين، حتى أرسل شيخ الحرم إلى الإمام بعد فراغه بالخلعة السنية الفضية الذهبية. وقام الناس يباركون له الختم الشريف وهو جالس في محراب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك المقام المنيف وقد حصل لنا كمال الثواب والأجر في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وزرنا النبي صلى الله عليه وسلم" ثم ذكر