للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التراويح فرار عن التشويش في المسجد.

والجدير بالذكر أن من أعظم نعم الله على الأمة أن تتوحد في الصلوات كلها في جماعة واحدة، وعلى إمام واحد أيا كان مذهبه من المذاهب الأربعة التي لم تخرج عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولسنا في معرض مناقشة تعدد الأئمة والجماعة في الصلاة الواحدة في المسجد الواحد لا لشيء إلا لاختلاف مذهب هذا عن مذهب ذاك مع اتفاق أئمة المذاهب أنفسهم رحمهم الله على جواز صلاة كل منهم خلف الآخر. ولسنا كذلك في معرض المقارنة بين مذهب ومذهب فكلهم يرجعون إلى أصل واحد هو الكتاب والسنة. فلسنا في معرض هذا أو ذاك ولكن يهمنا وحدة الأمة، وبالأخص في عمل هو شعار الوحدة، ويكفي في ذلك الإشارة إلى ما سلف ذكره عن عمر رضي الله عنه لما دخل المسجد ووجد تعدد الجماعات فساءه ذلك فجمعهم على إمام واحد كراهية تفرقتهم أوزاعا، ولما رآهم من الغد ورأى اجتماعهم بعد الفرقة أعجبه ذلك وقال: "نعمت البدعة تلك".

أما العدد والاقتصار منه على عشرين ركعة فإنه العدد المعمول به عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة والشافعي وأحمد في غير المدينة وأخذا برواية ((يزيد بن رومان)) في نفس المدينة وعدم الأخذ بالزيادة في مقابل طواف بعض أهل مكة الذي تقدم الكلام عليه. وهذا العدد هو ما كان العمل عليه في المائة الرابعة وما بعدها إلى عهد أبي زرعة رحمه الله وتقدم أنه لما أراد بإعادة الست والثلاثين ركعة لم يعدها مجتمعة بل راعى خلاف الأئمة فصلى عشرين ركعة بعد العشاء عملا بما عليه الاتفاق، وأتى بالست عشرة ركعة آخر الليل مراعاة لعمل أهل المدينة، وقد كان يختم القرآن مرتين إحداهما في العشرين ركعة أول الليل، والأخرى في الست عشرة ركعة التي يصليها في آخر الليل.

وهذا الختم موجود كذلك في هذا العهد حيث يختم الإمام في التراويح أول الليل ثم يختم مرة أخرى في العشر ركعات في آخر الليل من العشر الأواخر.

فالتقى هذا العهد مع الذي قبله تقريبا في النتيجة، وهي ختم القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>