المنورة في عام ١٣٨١هـ لأبناء المسلمين من كل مكان يتعلمون فيها العلوم الشرعية ويتثقفون بالثقافة الإسلامية الخالصة النقية ثم يعودون إلى بلادهم دعاة إلى الخير وهداة إلى الصراط المستقيم. ومن الذي يجحد فضل الملك فيصل رحمه الله الذي قاد السفينة أكثر من عشر سنوات وسار فيها بجد وحزم وقوة ويقظة ومواصلة العمل في المصالح العامة في الليل والنهار حتى وافته المنية وهو مكب على عمله في مكتبه ومن بعده خلفه في السير على درب الخير أخواه جلالة الملك خالد وسمو ولي العهد الأمير فهد. ونسأل الله عز وجل أن يثبت حكومتهما السنية على دينه والاستمساك بهدية والالتزام بأمره ونهيه إذ أن ذلك هو السبب الحقيقي لاستمرار النصر والتأييد.
خامسا: أنهم فيما ذكر عنهم أقدموا على عملهم الشنيع معتمدين على أحلام منام أصبحوا نتيجة لها في خبر كان ودخلوا التاريخ أسوأ دخول وأعادوا إلى الأذهان حادثة اعتداء القرامطة في المسجد الحرام وقتل الحجاج فيه سنة سبع عشرة بعد الثلاثمائة من الهجرة.
سادسا: أن الزمان الذي ينزل فيه عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء ويخرج فيه المهدي والدجال يختلف عن الزمان الذي نعيش فيه كما ترشد إلى ذلك الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما في صحيح مسلم من أن عيسى عليه الصلاة والسلام يقتل الدجال ويرى أصحابه دمه في حربته ومنها الحديث الدال على أن مركوب الدجال حمار عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً وهو حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه ومنها حديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن المسلمين يغزون الروم وفيه فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا وصلوا الشام خرج ومنها حديث ابن مسعود في صحيح مسلم في غزو المسلمين الروم أيضا وفيه فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ"، ومنها الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده عن عكرمة بن خالد قال حدثني فلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نال رجل من بني تميم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تقل فيهم إلا خيرا فإنهم أطول الناس رماحا على الدجال".
فهذه الأحاديث تشعر بأن من السلاح المستعمل في ذلك الزمان الحراب والسيوف والرماح وأن من الدواب التي تركب الحمر والخيل وأن المسلمين يغزون الروم عند خروج الدجال مجاهدين في سبيل الله مستخدمين الخيل ويدل لبقاء الخيل وجهاد المسلمين عليها في سبيل الله في المستقبل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته:"الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
وهذه الأنواع من الأسلحة توجد في هذا العصر في المتاحف للفرجة أما الخيول فمنذ أمد لم يجاهد عليها في سبيل الله وتستخدم في السباق وجر الأثقال ونحو ذلك، ولا شك أن الخيل والحمير وهذه الأسلحة ستستعمل في آخر الزمان لدلالة هذه الأحاديث الصحيحة على ذلك أما مركوب هذا الزمان من الطائرات والسيارات وأسلحته الفتاكة فهل سيبقى نوعها حتى ذلك الزمان أو تنتهي قبله؟ علم ذلك عند الله تعالى.
لكن جهاد المسلمين في آخر الزمان على الخيل وسلاحهم السيوف والحراب والرماح مع ما جبل الله عليه النفوس البشرية من تفضيل المركوب المريح السريع واستعمال السلاح الأنكى في جهاد الأعداء قد يفهم منه إنتهاء هذه المركوبات المريحة والأسلحة الفتاكة قبل ذلك الزمان والله تعالى أعلم، أما حمار الدجال وضخامته فهو من جملة فتنته التي هي أعظم فتنة في الحياة الدنيا كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.