للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدجال المتواترة التي اعتبرها محمد فريد وجدي موضوعه وشبهته التي اعتبرها دليلا حسيا على وضع هذا الحديث كون يأجوج ومأجوج يستعملون النشاب وهو سلاح قديم جاءت بعده الأسلحة الفتاكة التي عدد بعض أنواعها ويجاب عن شبهته هذه أن هذا السلاح الذي ورد ذكره في الحديث هو الذي سوف يستعمل حتما من قبل يأجوج ومأجوج إذا خرجوا في آخر الزمان أما الحضارة المادية والأسلحة الفتاكة التي وجدت في هذا العصر فليس بقاء نوعها حتى نهاية الزمان محققا فقد يبقى نوعها حتى ذلك الزمان وقد تنتهي قبل ذلك والله تعالى أعلم بالذي سيكون من بقائها أو انتهائها واحتمال انتهائها أقرب لأن الأحاديث الصحيحة وردت باستعمال الخيل والرماح وإلى السيوف والحراب مع أن النفوس البشرية جبلت على تفضيل المركوبات المريحة واستعمال السلاح الأنكى في الحرب فقد يكون استعمال هذه الأسلحة العادية لعدم وجود الأسلحة الفتاكة. ولا أدري كيف تجرأ هذا المسكين على رد هذا الحديث وزعم أنه موضوع من أجل أنه ذكر فيه سلاح قديم فإن هذا السلاح هو المحقق الوجود في ذلك الوقت لإخبار الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم بذلك في هذا الحديث الصحيح أما أسلحة هذا الزمان ومركوباته فإن وجودها في آخر الزمان غير محقق وإنما هو محتمل ومن قرائن احتمال عدم بقائها ما نسمعه في الإذاعات من الذعر والتخوف من نفاذ النفط وتنافس الدول الصناعية في البحث عن مصادره لما أسموه بالطاقة ليحرك بها الحديد بدلا من البترول حتى لا تكون هذه الحضارة المادية ركاما من الحديد البارد ويحضرني لي هنا نكتة لطيفة سمعتها من رجل قال فيها: "هذه الحمر السائبة التي تعترض طرق السيارات وتسبب الحوادث لو توقف البترول لتشاح الناس فيها وتنافسوا في اقتنائها وشغلوا المحاكم باستخراج صكوك في تملكها والتخاصم عليها وقد يقول قائلهم: إنني قد ورثت هذا عن أبي عن جدي".

ومعذرة للقارئ في هذا الاستطراد الذي لا يخلو من فائدة إن شاء الله في مناقشة محمد فريد وجدي في شبهه الواهية التي اعتمد عليها في إنكار أحاديث الدجال وزعمه أنها موضوعه ومثل هذه الشبه التي أودعها في كتابه دائرة معارف القرن العشرين هي في الحقيقة من جاهلية القرن العشرين.

١٧- هناك كاتب من كتاب القرن الرابع عشر اعتمد على كلامه الشيخ ابن محمود دون أن يفصح عن اسمه في رسالته ولا مرة واحدة وهو الأستاذ أحمد أمين صاحب كتاب ضحى الإسلام وسأنقل كلام ابن محمود في رسالته ثم اتبعه بأصله كلام أحمد أمين في ضحى الإسلام.

قال الشيخ ابن محمود ص ٣٧: "إن فكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية وكلها نبعت من عقائد الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها وذلك بعد خروج الخلافة من آل البيت واستغلت الشيعة أفكار الجمهور الساذجة وتحمسهم للدين والدعوة الإسلامية فأتوهم من هذه الناحية الطيبة الظاهرة ووضعوا الأحاديث يروونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك واحكموا أسانيدها وأذاعوها عن طرق مختلفة فصدقها الجمهور الطيب لبساطته وسكت رجال الشيعة لأنها في مصلحتهم وكانت بذلك مؤامرة شنيعة أفسدت بها عقول الناس وامتلأت بأحاديث تروى وقصص تقص نسبوا بعضها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها إلى أئمة أهل البيت وبعضها إلى كعب الأحبار وكان لكل ذلك أثر سيئ في تضليل عقول الناس وخضوعهم للأوهام كما كان من أثر ذلك الثورات والحركات المتتالية في تاريخ المسلمين ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة يزعم أنه المهدي المنتظر ويلتف حوله طائفة من الناس ويتسببون في إثارة الكثير من الفتن وهذا كله من جراء نظرية خرافية هي نظرية المهدي وهي نظرية لا تتفق مع سنة الله في خلقه ولا تتفق مع العقل الصحيح" انتهى كلام الشيخ ابن محمود.

وقال الأستاذ أحمد أمين في كتاب ضحى الإسلام ج ٣/ ٢٤١: "وفكرة المهدي هذه لها أسباب سياسية واجتماعية ودينية ففي نظري أنها نبعت من الشيعة وكانوا هم البادئين باختراعها وذلك بعد خروج الخلافة من

<<  <  ج: ص:  >  >>