للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقير وبصر الناظر إليهم بالسوء حسير وإن الله على نصرهم لقدير، وقال رحمه الله: "فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين وصرف عنهم كيد المعاندين لتمسكهم بالشرع المتين واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار وركوب البراري والبحار في اقتباس ما يشرع الرسول المصطفى لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى. قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا، حتى ثبتوا بذلك أصلها وكانوا أحق بها وأهلها. وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها فهم الحفاظ لأركانها والقوامون بأمرها وشأنها إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون".

هذا ما قاله الخطيب البغدادي رحمه الله في أهل الحديث، وبعد أن يتفق ابن محمود مع أحمد أمين في هذا الكلام ينفرد الشيخ ابن محمود بلمز لأهل الحديث فيقول في ص ٢٣ من رسالته: لكن العلماء المتقدمين يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم ويستبعدون تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤمن بالله ولهذا أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة حتى بلغت خمسين حديثا في قول الشوكاني كما نقله عنه السفاريني في لوامع الأنوار وأورد ابن كثير في نهايته الكثير منها وسأتكلم حول هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.

ثانيا: قول أحمد أمين: "فامتلأت عقول الناس بأحاديث تروى وقصص تقص ونشأ باب كبير في كتب المسلمين اسمه الملاحم فيه أخبار الوقائع من كل لون فأخبار العرب والروم وأخبار في قتال الترك.." ألخ هذا القول فيه زيادة في الهلكة لما فيه من استنكار هذا الباب الذي اشتملت عليه دواوين السنة النبوية وهو باب الملاحم وما يندرج تحته من أحاديث عن أخبار بمغيبات وكثير من أحاديث هذا الباب موجودة في الصحيحين وفي غيرها.

ثالثا: ما قالاه من أن نظرية المهدي نظرية لا تتفق وسنة الله في خلقه ولا تتفق والعقل الصحيح يجاب عنه بأن مثل ذلك لا يصلح أن يطلق عليه نظرية لأنه من الأمور الغيبية التي هي ليست محلا للرأي والنظر وإنما يتوقف قبول ذلك على صحة الحديث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صاحت الأحاديث بخروج المهدي في آخر الزمان والعقل السليم لا يختلف مع النقل الصحيح بل يتفق معه إذ أن العقل تابع للنقل وهو معه كالعامي المقلد مع العالم المجتهد كما قال ذلك بعض العلماء وخروج المهدي في آخر الزمان متفق مع سنة الله في خلقه فإن سنة الله تعالى أن الحق في صراع دائما مع الباطل والله تعالى يهيئ لهذا الدين في كل زمان من يقوم بنصرته ولا تخلو الأرض في أي وقت من قائم لله بحجته والمهدي فرد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينصر الله به دينه في الزمن الذي يخرج فيه الدجال وينزل فيه عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء كما صحت الأخبار بذلك عن الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

١٨- اعتبر الشيخ ابن محمود كل ما ورد في المهدي من الأحاديث من قبيل المختلق الموضوع فقد وصف الأحاديث الواردة في المهدي في ص ٤ بأنها "مختلقة" وقال في ص ٦ "إِنه ليس أول من كذب بهذه الأحاديث" وقال في ص ٧ بعد أن ذكر بعض الشبه لإنكارها: "فهذه وما هو أكثر منها مما جعلت المحققين من العلماء يوقنون بأنها موضوعة على لسان رسول الله وأنها لم تخرج من مشكاة نبوته وليست من كلامه فلا يجوز النظر فيها فضلا عن تصديقها". وقال في ص ١١: "وأنه بمقتضى التحقيق لها يعني -الأحاديث الواردة في المهدي- والدرس لرواياتها يتبين بطريق اليقين أن فيها من التعارض والاختلاف وعدم التوافق والائتلاف ووقوع الإشكالات وتعذر الجمع بين الروايات ما يحقق عدم صلاحيتها ويجعل العلماء المحققين من المتأخرين وبعض المتقدمين يحكمون عليها بأنها مصنوعة وموضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست من كلامه وينزهون ساحة رسول الله وسنته عن الإتيان بمثلها إذ الشبهة فيها يقينية والكذب فيها ظاهر جلي" وقال في ص ١٦: "وقد رجح أكثر العلماء المتأخرين من خاصة أهل الأمصار بأنها كلها مكذوبة على رسول الله صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>