الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا"، وقال البيهقي المتوفى سنة ٤٣٨ هـ بعد كلامه على تضعيف حديث "لا مهدي إلا عيسى بن مريم" قال: "والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح ألبتة إسنادا"، ومنهم الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الأبري صاحب كتاب مناقب الشافعي المتوفى سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، قال رحمه الله في محمد بن خالد الجندي راوي حديث "لا مهدي إلا عيسى بن مريم": "محمد ابن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه" نقل ذلك عنه ابن القيم في كتابه المنار المنيف وسكت عليه ونقله أيضا الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة محمد بن خالد الجندي وسكت عليه ونقله عنه أيضا وسكت عليه في كتابه فتح الباري في باب نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام ونقله أيضا غير ابن حجر وابن القيم من أهل العلم، وممن صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي الإمام الترمذي في جامعه، ومنهم الحاكم في المستدرك ووافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه في تصحيح جملة منها، ومنهم الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي صاحب التفسير المشهور المتوفى سنة ٦٧١ هـ فقد قال في كتابه التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة بعد ذكر حديث "ولا مهدي إلا عيسى بن مريم" وبيان ضعفه قال: "والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدى من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه"، ومنهم الإمام ابن تيمية المتوفى سنة ٧٣٨ هـ فقد صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي وذلك في كتابه منهاج السنة ومنهم الإمام ابن القيم المتوفى سنة ٧٥١ هـ فقد صحح في كتابه المنار المنيف جملة من الأحاديث الواردة في المهدي وأشار إلى ضعف بعض ما ورد في ذلك، ومنهم الإمام ابن كثير المتوفى سنة ٧٧٤ هـ فقد تكلم في كتابه النهاية على كثير من الأحاديث الواردة في المهدي مبينا الصحيح والضعيف في ذلك، وهؤلاء العلماء النقاد كلهم قبل القرن التاسع، وقد تكلموا في أحاديث المهدي مبينين صحة بعض الأحاديث الواردة في ذلك وهم قليل من كثيرين تكلموا في ذلك ويتضح بهذا بطلان ما ذكره الشيخ ابن محمود من أن أحاديث المهدي وغيرها من أشراط الساعة لا يتعرض لها نقاد الحديث بتصحيح ولا تمحيص، أما ما ذكره من أنه: "في القرن التاسع لما كثر المدعون للمهدي اضطر بعض المحققين من العلماء أن ينقدوا أحاديث المهدي ليعرفوا قويها من ضعيفها وصحيحها من سقيمها فتصدى ابن خلدون في مقدمته لتدقيق التحقيق فيها" فيجاب عنه بأن العلماء النقاد تكلموا في أحاديث المهدي لمعرفة صحيحها من ضعيفها قبل القرن التاسع ومنهم الذين أسلفت ذكرهم قريبا وبأن ابن خلدون ليس من المحققين في علم الحديث الذين يعول على كلامهم في التصحيح والتضعيف وسبق أن أوضحت وجه ذلك في رقم ١٠ وأيضا فإن ابن خلدون كانت وفاته سنة ٨٠٨ هـ فلم يدرك من القرن التاسع إلا ثمان سنوات وكان كلامه على أحاديث المهدي في مقدمة تاريخه التي فرغ من وضعها وتأليفها، قبل التنقيح والتهذيب في منتصف عام