للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وكبر المكبرون والمؤذنون في أقطار أرجائها , وزالت سمة الصلبان عن جهاتها وأنحائها , ورحل الناقوس عن فنائها , وعوض جامعها منها بمنبره ١.

فقد اجتمع السلطان صلاح الدين بأخيه الملك العادل وولده العزيز عثمان على عسقلان في ١٦ جمادى الآخرة ٥٨٣ هـ = ١١٨٧ م , وضرب عليها الحصار , حتى سلمت يوم ٢٥ جمادى الآخر = ٧ سبتمبر , وخرج أهلها بأموالهم سالمين إلى بيت المقدس , بعد حصار دام أربعة عشر يوما ٢.

ويشبه القاضي الفاضل فتحها على يد السلطان صلاح الدين , بفتحها على يد عمر بن الخطاب أمير المؤمنين , فإنه لما دنت منها جيوش الإسلام الناصرية , فر الصليبيون فرار النمل خوفا وفزعا , ولجأوا إلى الانحصار خلف الجدار , فماذا حدث؟ ويقول: نصبنا عليهم حينئذ آلات القتال , وأذقناهم من طعم الطعن الشديد الوبال , وأنزلنا عليهم غاشية٣ من عذاب الله لا تسترك ولا تستقال.٤

ثم أخذت جنود الملمين تثقب في عقبتها حتى هدمت وانمحت , وخربت الأبراج , واستباحت الحصن الذي كان حصينا , وطالما أعجز الأيام والأنام قهره.

وهنا يلجأ الصليبيون إلى المصالحة وطلب الأمان , ويقبل المسلمون الصلح صيانة للمدينة من تخريب الناهبين , وحفظا لأبناء المسلمين.

وكعادة القاضي الفاضل في رسائله عن الانتصارات الحربية يمدح الإسلام والمسلمين المنتصرين , ويذم الكفر والصليبيين المنهزمين , ويجنح إلى الاستعارة كقوله: " فما زالت سهامها تركع , وأحجارها تسجد " ٥.

كما أنه يلجأ إلى إثبات تواريخ تحرك الجيش والانتصارات التي يحرزها مثل قوله: " وجملة الأمر أن النزول عليها كان عشية الأحد السادس عشرة جمادى الآخرة.

ونصبت الآلات يوم الثلاثاء ثامن عشرة , ووقوع نقوب الباشورة الكبرى يوم الأربعاء تاسع عشرة. وتسلم المدينة ونصب الأعلام عليها يوم السبت التاسع والعشرين ٦ منها ".

وهذا يضيف إلى الرسالة أهمية تاريخية , ونلاحظ أنه تخلى عن السجع ليثبت هذه التواريخ.


١ من ترسل القاضي الفاضل اللوحة ٧٠.
٢ الحنبلي: شفاء القاضي ص ٣٤. King: The KNIGHTS Hospitallenp. ١٣٠.
٣ الغاشية: العقوبة.
٤ من ترسل القاضي الفاضل اللوحة ٩١
٥ من ترسل القاضي الفاضل اللوحة ٩١.
٦ نفس المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>