للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم منهما كما أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أعلم منهما أيضاً فإن الخلفاء الراشدين قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص - إلى أن قال - وما يذكر أنه كان عنده - أي عند علي رضي الله عنه - علم باطن امتاز به عن أبي بكر وعمر وغيرهما فهذا من مقالات الملاحدة الباطنية ونحوهم الذين فيهم من الكفر ما ليس في اليهود والنصارى" انتهى المقصود من كلامه ملخصا. وفيه أبلغ رد على أبي تراب فيما شذ به من تفضيل بعض الصحابة في العلم والفقه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهذه جراءة سيئة من أبي تراب حاصلها الغض من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى أيضاً في منهاج السنة: "أهل السنة يقولون ما اتفق عليه علماؤهم إن أعلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وقد ذكر غير واحد الإجماع على أن أبا بكر أعلم الصحابة كلهم" انتهى.

وقد خرق أبو تراب الإجماع وخالف أهل السنة حيث فضَّل أبا هريرة والبخاري على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بالعلم. وفضَّل عليا ومعاذا وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم على عمر رضي الله عنه بالعلم والفقه. وأما قوله: "وهو نفسه يشهد بذلك".

فجوابه أن يقال لم يثبت ذلك عن عمر رضي الله عنه وعلى تقدير ثبوته فإنما ذلك من باب التواضع..ومن هذا الباب قصته مع المرأة حين قال وهو على المنبر: يا أيها الناس لا تغلوا في صداق النساء. ونهاهم أن يزيدوا على أربعمائة درهم. فقامت امرأة فقالت: إن الله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً من ذهب} - وهي هكذا في قراءة بن مسعود رضي الله عنه - فرجع عمر رضي الله عنه عن قوله وقال: "كل الناس أفقه من عمر". فهذا من باب التواضع وليس معناه أن تلك المرأة أو غيرها أفقه من عمر رضي الله عنه على الإطلاق كما قد يفهمه بعض الجهلة الأغبياء. وتواضع عمر رضي الله عنه مع المرأة وغيرها يعد من المناقب لا من المعايب.

أما قوله: "ولكنهم لم يكونوا أفضل منه". فجوابه أن يقال: لو كان علي ومعاذ وابن مسعود رضي الله عنهم أفقه من عمر رضي الله عنه لكانوا أفضل منه لأن العلم رأس الفضائل وأكملها وأشرفها ولكنه رضي الله عنه قد فاقهم كلهم في العلم والفقه وفي غير ذلك من الخصال الحميدة فلذلك كان أفضل منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>