للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا جرم أن الشيخ تقي الدين قال في الإلمام: هذا الكلام من أبي زرعة لابد من تأويله وإخراجه عن ظاهره وحمله على وجه صحيح، وعجيب قول ابن طاهر حسبك من كتاب يعرض على أبي زرعة الرازي ويذكر هذا الكلام بعد إمعان النظر والنقد، وقوله: ولعمري إن كتاب أبي عبد الله بن ماجة من نظر فيه علم منزلة الرجل من حسن الترتيب وغزارة الأبواب وقلة الأحاديث وترك التكرار، ولا يوجد فيه من النوازل والمقاطيع والمراسيل والرواية عن المجروحين إلا هذا القدر الذي أشار إليه أبو زرعة. وروى ابن عساكر عن أبي الحسن بن بالويه قال: أبو عبد الله ابن ماجة: عرضت هذه النسخة على أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع كلها أو أكثرها، ثم قال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف، أو قال: عشرين ونحوها من الكلام، قال: وحكى عنه أنه نظر في جزء من أجزائه وكان عنده في خمسة أجزاء، قال الشيخ تقي الدين: لابد من تأويله جزما، ولعله أراد ذلك الجزء الذي نظر فيه أو غيره مما يصح) ١.

والحق أن سنن ابن ماجة فيها أكثر من هذا العدد المشار إليه من الأحاديث المنتقدة، ولقد ساق الشيخ عبد الرشيد النعماني - في كتابه (ما تمس إليه الحاجة لمن يطالع سنن ابن ماجة) - (٣٤) حديثا من أحاديث سنن ابن ماجة والتي ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات، ثم قال: (فهذه أربعة وثلاثون حديثا قد حكم عليها ابن الجوزي بالوضع، وقد تركت من الأحاديث ما أدرجها ابن الجوزي في الموضوعات وشطرها مروي في سنن ابن ماجة أولها شاهد في كتابه، والحافظ السيوطي ذكر في كتابه (القول الحسن في الذب عن السنن) ستة عشر حديثا مما أورده ابن الجوزي في الموضوعات وهو في سنن ابن ماجة، وأورد في التعقبات على الموضوعات من كتاب ابن الجوزي ثلاثين حديثا؛ فزدت عليه الأربعة، ولله الحمد) .

وقال النعماني أيضا: ويوجد في كتاب ابن ماجه أحاديث أخر قد حكم عليها بعض الحفاظ بالوضع أو البطلان منها..) وذكر سبعة أحاديث٢.

ولقد جمعت الرجال الذين انفرد ابن ماجة بالرواية عنهم دون أصحاب الكتب الستة، وتكلم فيهم الإمام أبو زرعة بالضعف أو الكذب أو غير ذلك من ألفاظ التجريح؛ فكانت مجموعة كبيرة أذكرها بعد هذا الكلام، مع الإشارة إلى المصادر التي نقلت أقوال أبي زرعة فيهم، وإضافة إلى هؤلاء هنالك من الرجال الذين تكلم فيهم أبو زرعة وقد انفرد بالرواية عنهم ابن ماجة


١ انظر الجزء الأول من كتاب (البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير) ورقة
٢ انظر ما تمس إليه الحاجة لمن يطالع سنن ابن ماجة لمحمد رشيد الهندي ط الهند ص ٤٤- ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>