للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول سليمان، أتيت علي ابن عمر وهو بالبلاط، والقوم يصلون في المسجد، قلت ما يمنعك أن تصلي مع الناس، أو القوم؟. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ".

قال المنذري: وفي إسناده عمرو بن شعيب، وقد تقدم الكلام عليه، وهو محمول على صلاة الاختيار، دون ماله سبب، كالرجل يصلي ثم يدرك جماعة فيصلي معهم. وقد كان صلى ليدرك فضيلة الجماعة، جمعا بين الأحاديث.

أقول: إن النقاد اتفقوا على أن عمرو بن شعيب إذا حدث عن سعيد بن المسيب، أو سليمان بن يسار مولى ميمونة، أو عروة، فهو ثقة عن هؤلاء. نص على ذلك إسحاق بن منصور، ويحي بن معين وغيرهما.

وقال ابن حبان: عمرو بن شعيب في نفسه ثقة يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه١. وقد صحح النووي إسناد هذا الحديث وذكروا عدة تأويلات، منها:

(١) المنع من أداء الصلاة مرتين اختيارا من غير سبب.

(٢) المنع لمن صلى الفرض مرتين بنية الفرض. وهو تأويل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، فإنهما قالا: أن يصلى الرجل صلاة مكتوبة عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها علي جهة الفرض، وأما من صلى الثانية مع الجماعة علي أنها نافلة اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة، والثانية نافلة فلا إعادة حينئذ. كذا نقل الشيخ عبيد الله المباركفوري٢.

(٣) يحمل حديث ابن عمر على من صلى بالجماعة في المرة الأولى، والأحاديث الأخرى على من صلى منفردا. والحمل على هذا واجب لما روى مالك في الموطأ٣ عن نافع عن ابن عمر أن رجلا سأله فقال: إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام فأصلي معه؟. قال: نعم. قال: فأيهما أجعل صلاتي؟. قال ابن عمر: ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى الله.


١ انظر تهذيب التهذيب (٨/ ٤٩) ونصب الراية (٢/١٤٨) .
٢ انظر المرعاة: (٢/ ١٤٠) .
٣ الموطأ: (١/٤٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>