للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الألف والنون في آخره مع العلمية أو الصفة.

وأورد الزمخشري١ بأنه لا يمنع (فعلان) صفة من الصرف إلا إذا كان مؤنثه على (فعلى) كغضبان وغضبى وما لم يكن مؤنثه على (فعلى) ينصرف كندمان وندمانة وتبعه٢ ابن عساكر بأن رحمن، وإن لم يكن له مؤنث على فعلى فليس له مؤنث على فعلانة لأنه اسم مختص بالله تعالى فلا مؤنث له من لفظه. فإذا عدم ذلك رجع فيه إلى القياس وكل ألف ونون زائدتين فهما محمولتان على منع الصرف.

قال الجويني وهذا فيه ضعف في الظاهر وإن كان حسنا في الحقيقة لأنه إذا لم يشبه غضبان ولم يشبه ندمان من جهة التأنيث فلماذا ترك صرفه مع أن أصل الصرف كان ينبغي أن يقال ليس هو كغضبان فلا يكون غير منصرف ولا يصح أن يقال هو كندمان فلا يكون منصرفا لأن الصرف ليس بالشبه إنما هو بالأصل وعدم الصرف بالشبه ولم يوجد ولعل تقدير ابن عساكر السابق يؤيد إنكار ابن مالك على ابن الحاجب تمثيله ب ((رحمن)) .

لزيادة الألف والنون مع منع الصرف وقال لم يمثل به غيره ولا ينبغي التمثيل به فإنه اسم علم بأغلبه لله مختص به وما كان كذلك لك يجرد من (أل) ٣ ولم يسمع مجردا من (أل) إلا في النداء قليلا مثل (يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة) .

وقد أنكر الزمخشري٤ على شاعر اليمامة قوله:

سموتَ بالمجدِ بابنِ الأكرمين أباَ ... وأنتَ غيثُ الوَرَى لازلتَ رَحْمانَا


١ انظر الكشاف للزمخرشي ج ١ ص ٦.
٢ انظر التكميل والإفهام لابن عساكر.
٣ والذي يدل على أن العرب كانت تعرف هذا الاسم قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} وقوله: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَن} .
وقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} فجهلوا الصفة دون الموصوف ولذلك لم يقولوا ومن الرحمن.
انظر البرهان ج ٢ ص ٥٠٣ ويقول أبو حيان في البحر المحيط ج ١ ص ١٧ الرحمن فعلان من الرحمة واصل بنائه من اللازم من المبالغة وشذ من المتعد (وال) فيه للغلبة كهي في الصعق فهو وصف لم يستعمل في غير الله كما لم يستعمل اسمه في غيره وسمعنا مناقبة قالوا: رحمن الدنيا والآخرة، ووصف غير الله من تعنت الملحدين، وإذا قلت الله رحمان ففي صرفه قولان يسند أحدهما إلى أصل عام وهو أن أصل الاسم الصرف، والآخر إلى خاص وهو أن أصل (فعلان) المنع لغلبته فيه. ومن غريب ما قيل فيه أنه أعجمي بالخاء المعجمة فعرب بالحاء قاله ثعلب وذهب إلا علم وابن الطراوة وغيرهم إلى أنه اسم علم مشتق من المتعدي كما اشتقوا الدبران من دبر صيغ للعلمية ويدل على علميته وروده غير تابع لاسم قبله في أكثر الكلام فعلى قول هؤلاء يكون الرحمن بدلا من اسم الله.
٤ مشاهد الإنصاف على شواهد الكشاف ج ١ ص ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>