للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: ٢٧-٢٩] ويقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه:

فلا تصاحب أخا الجهل ... وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى ... حليما حين آخاه

يقاسي المرء بالمرء ... إذا ما المرء ماشاه

وللشيء من الشيء ... مقاييس وأشباه

وللقلب على القلب ... دليل حين يلقاه١

أدب الرحمة بالطفل عبادة وسلوك تربوي:

إذا عاش الطفل في أسرة تفيض بالحب والرحمة، وفي مجتمع يلفه بالشفقة والعطف والحنان، ينشأ متأدبا بآداب الرحمة متذوقا لأساليب الحب والجمال والخير والحق، فيشب الطفل عاشقا للرحمة والمحبة متخذا صورها الجميلة في قوله ومنهجه وسلوكه، لأن أدب الإسلام في جميع صوره حث عليها منذ الصغر على أنها عبادة وطاعة، ومنهجا وسلوكا، فقد صور القرآن الكريم الرحمة بما يعجز عنه البشر، فلم تخل سورة من تصوير قرآني لها تهتز لها العاطفة، وتبعث فيها الحرارة والصدق والدفء، وتغمر الوجدان فتحييه بالإيمان والإخلاص، والحب والمودة، فأصبح مفتاح كل سورة {بسم الله الرحمن الرحيم} ، لأن الله عز وجل {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ١٣٣] ، ورحمته وسعت كل شيء {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} [الأنعام: ١٤٧] ، وجعل آية الزواج وثمرتها العجيبة المودة والرحمة في السكن والولد {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١] .

وفي الحديث الشريف يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة: "لما خلق الرحم قال تعالى: أنا الرحمن وأنت الرحم شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته" ٢، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-


١ الديوان، تحقيق د. محمد عبد المنعم خفاجي.
٢ بصائر ذوي التمييز ٣/ ٥٣.

<<  <   >  >>