(خيانته) للمنهج خطر عظيم، وكان هذا منه جُرْماً أي جرم.
ونحن نلتزم بهدفنا هنا، فلا يعنينا ما في الكتاب من تهجُّم على الإسلام والمسلمين، الذي لا يعدو أنْ يكون سَبًّا وَشَتْماً (بأسلوب أكاديمي)، وإنما يعنينا هنا جريمته في حق (التراث) وكيف حَرَّفَ المصادر والمراجع وزيفها. وإليك هذا المثال:
جاء في ص ٦٧: قوله: «وقد فرضت حالة الترف المتصاعدة هذه [يقصد الترف الذي أصابه المسلمون ثمرة للفتوح] تغطية دائمة لمواجهة متطلبات جديدة، واللجوء إلى الاستدانة كطريقة فَذَّةٍ من أجل إشباع رغباتهم ... » ثم أحالنا على " الطبري ": ١/ ٢٨١١.
فماذا نجد في الطبري في هذا الموضع؟
لم نجد في " الطبري " إلاَّ خبراً عن استدانة سعد بن أبي وقاص من بيت مال الكوفة، وكان خازن بيت المال عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وكان سعد والي الكوفة، فاستقضى عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - سعداً. واشتدَّ في مطالبته، فاستمهله سعد فلم يقبل، وكان بينهما تلاوم، ووصل إلى عثمان بن عفان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا -، ملامهما معاص، وقال لهما: أنتما أصحاب رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيف تتلاحيان هكذا أمام الناس، وعزل سعداً، وأقرَّ عبد الله بن مسعود على عمله.
هذا هو ما ذكره الطبري، فكيف يفهم منه أيُّ قارئ؟ بَلْهَ باحث ضليع، يقتعد مقعد الأستاذية؟؟
كيف يفهم من هذه الحادثة أنَّ الاستدانة قد صارت ظاهرة في المجتمع؟؟ وأنها أصبحت وسيلة (فَذَّةٍ) لإشباع الترف الذي شاع فيه؟ كيف يفهم هذا؟ وبأي منطق يقال هذا؟ وأي ترف كان في مجتمع الكوفة سنة ٢٦ هـ؟
ثم لو نظر إلى هذه الحادثة بعين مجردة، ودون تعمق ولا (منهج بحث) ولا ... ولا ... ألا يجد فيها فخراً للإسلام والمسلمين؟؟ ألاَ ترى كيف لم يستطع الحاكم (والي الكوفة) أنْ ينال من مال الجماعة إلاَّ قرضاً. ثم الا يرى كيف كانت أمانة خازن بين المال الذي لم يسمعه السكوت عن (الواالي).