نرى الأطباء الكبار باستمرار أربعة وعشرين ساعة مشغولين، لماذا؟ لأن الدخل أعظم، تجده يحصل على الأموال الطائلة من خلال هذه المهنة، وينكب جانباً عما يتعلق بقلبه، وما يصلح دينه، وما يقربه إلى الله -جل وعلا-، فمثل هذا لا ينسى الله -جل وعلا-، نعم هو مطلوب بألا ينسى نصيبه من الدنيا، لكن هو خلق لهدف لا بد من تحقيقه والعبودية لله -جل وعلا- وبإمكانه أن يزاول العبودية من أبواب الدين المتنوعة، فتنوع العبادات من نعمة الله -جل وعلا- على المكلفين، فبإمكانه أن يتعبد بالصلاة يتعبد بالصيام، يتعبد بالإنفاق في سبيل الله -جل وعلا-، من خلال ما يكسبه من هذه المهنة تأدية لشكر هذه النعمة، بإمكانه أن ينفع الآخرين، فالطبيب عليه مسؤولية عظمى، فلا ينهمك في مهنته التي تدر عليه شيئاً من حطام الدنيا وينسى ما خلق من أجله، على الأطباء أن يبذلوا من أوقاتهم لنفع الناس، يعني لا يقال للطبيب مثلاً: أنت افتح عيادة أربعة وعشرين ساعة تبرع لنفع الناس، نقول: لا تنسى نصيبك من الدنيا، لكن أيضاً لا تكن الدنيا همك، يعني ابذل نفسك لنفع الناس، يعني وأنت في المسجد تصلي مع الناس، رأيت على واحد من الجيران آثار التعب، أو آثار مرض لم يحس به، وأنت تعرف أن هذه أعراض مرض، أنت تعرفه تنصحه وتسدي له النصيحة، ولو لم يطلب منك، فضلاً عن كونه يطلب منك.
فعلى هؤلاء الإخوان كغيرهم من العاملين في المجالات الأخرى أن يصرفوا من أوقاتهم لنفع الناس في أمور ما يحسنون، أنت طبيب تحسن أن تسدي النصيحة لهذا الشخص المريض لا تتردد يا أخي، والدنيا أنت ما خلقت من أجل الدنيا ليكون عملك كل كلمة لها مقابل، فإذا وجدت من يحتاج إلى بذل النصيحة سواء كان من الأقارب أو من الجيران، أو ممن يرد عليك ممن ليس من الأقارب ولا الجيران، وعرفت أنه بحاجة إلى هذه النصيحة فالدين النصيحة، وأنت تسعى لهذا العمل بنية أن يمتع الله -جل وعلا- هذا الشخص بصحة وعافية ليعبد الله -جل وعلا-، ويكثر سواد من يتعبد لله -جل وعلا-، وتستغل مثل هذه النصائح لهؤلاء الناس في مجال الدعوة إلى الله -جل وعلا-، أجرك عظيم، أنت حينئذ مجاهد.