ما يستعجل إذا تعينت عليه، يزيد في التأمل لماذا؟ لأنه يبحث عن خلاص نفسه، وألزم ما على الإنسان أن يسعى في خلاصه قبل خلاص السائل، قبل خلاص السائل، أنت مطالب أولاً بنجاة نفسك، ثم بعد ذلك إذا كان هناك فضل، فاطلب نجاة غيرك.
يقول عبد الله بن المبارك: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُراه قال في المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، " هذا من حفاظ الحديث، لماذا يود أن يكفيه أخوه الحديث؟ خشية أن يزل لسانه فيأتي بالحديث على غير وجهه، "ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا".
وجاء رجل من أهل البادية طلق امرأته ثلاثاً إلى عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر فقال: ما تريان؟ قال ابن الزبير:"إن هذا الأمر ليس لنا فيه قول، جاء رجل من أهل البادية طلق امرأته ثلاثاً إلى عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر فقال: ما تريان؟ فقال ابن الزبير: "إن هذا الأمر ليس لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد الله بن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ائتنا فأخبرنا، يعني لا يكفي أن تذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة وتسمع الفتوى وتذهب إلى امرأتك، إما لفراقها أو لإعادتها، على حسب الفتوى، لا يكفي هذا، ارجع إلينا فأخبرنا بما قال لك، ثم ائتنا فأخبرنا، فذهب السائل فسأل فسألهما، فقال ابن عباس لأبي هريرة: أفته، أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة، وهذه المسألة عند كثير من طلاب العلم أسهل من شرب الماء، أسهل من، مثل النفس عندهم، يفتي فيها كما يتنفس، ما في مشكلة، طلاق طلق امرأته ثلاثاً، ألا تدري ما الذي يترتب على فتواك؟ إما أن تجعله يجامعها في حرام؛ لأنها بانت منه بالحقيقة وأنت قلت ما وقع الطلاق، أو العكس، تفرق بين رجل وامرأته وتشرد أولاده من أجل جهلك، المسألة خطيرة يا الإخوان، ليست بالسهلة ولا بهينة، أفته يا أبا هريرة، قد جاءتك معضلة، المسألة من عضل المسائل، طلاق الثلاث ليس بالسهل.
وقال ابن عباس:"كل من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه لمجنون". إنه لمجنون، وعن ابن مسعود مثله.