كان الناس ينظرون إلى مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ويقولون: كيف جمع هذا العلم، وجمع هذه، وأجاب عن جميع هذه المسائل في هذا العمر؟ شيخ الإسلام لم يعمر، من واحد وستين إلى ثمان وعشرين، أربعين وسبعة وعشرين سبعة وستين سنة، ما شاء الله، سبع وثلاثين مجلد فتاوى إذا نظرت إلى فتاوى النووي إذا هي في جزء صغير، وإذا قارنا هذا بفتاوى من يتصدى للإفتاء في وقتنا تجد البون كبير، يعني لو أن إنسان يجيب في كل يوم عن خمس مسائل مثلاً في عصرنا هذا في السنة يحتاج إلى كم؟ ألف وسبعمائة مسألة، وفي عشر سنوات يجيب عن سبعة عشر ألف مسألة، وفي العشرين وهكذا إلى أن تبلغ المئات من المجلدات، وهذا الحاصل، يعني لو جمعنا فتاوى شيوخنا مثلاً، يعني ما جمع معنا مثلاً الشيخ ابن باز، يقرب من فتاوى شيخ الإسلام، وبقي الشيء الكثير، ولو جمعت فتاواه في الطلاق لبلغت حجم مجموع فتاوى شيخ الإسلام كله، والحاجة داعية، والناس كثرت عندهم الإشكالات، كثر عندهم ما يحتاج إلى سؤال أهل العلم من مشاكل سواءً كانت في الدين، أو في أمور الدنيا، أو في التعامل والأمور الاجتماعية، هذه كثيرة جداً، تحتاج إلى من يحلها بالطريقة الشرعية.
وكان سعيد بن المسيب أيضاً واسع الفتيا وكانوا يسمونه الجريء، كانوا يسمونه جريء، يعني تحس إن بعض الناس جرأة، جرأة لكن إن كانت الجرأة مبنية على أصول شرعية فنعمت الجرأة، وإن كانت غير مبنية على الأصول الشرعية فيا ويلهم، يعني أحياناً تقرأ فتوى لشيخ الإسلام بذيولها واستطراداتها تجد عنده قوة في الكلام، وقد تقول: هذا الكلام فيه جرأة، لكنها جرأة سببها الإحاطة بنصوص الشرع وقواعده وأصوله، ومع ذلك سئل عنه محمد رشيد رضا، يعني نظير ابن عباس مع من تقدمه من الصحابة، شيخ الإسلام مع من تقدمه من الأئمة، رشيد رضا سئل عن شيخ الإسلام هل هو أعلم من الأئمة الأربعة، أو هم أعلم منه؟ فقال:"من وجه باعتبار أن شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى تخرج على كتب الأئمة، وكتب أصحابهم فلهم الفضل عليه، وباعتبار إحاطته بما كتبه هؤلاء الأئمة فهو أوسع منهم علماً".