ابن عباس جمع، جمع الله له علم كبار الصحابة كلهم، وتأخرت حياته حتى احتيج إليه، احتيج إليه، احتيج إلى علمه، فكثرت فتاواه، ولذلك تجدون الشيخ إذا عُمّر وهو على الجادة، وعلى هدي شرعي تجده يكون محل ثقة الناس، يعني الشيخ ابن باز -رحمه الله- عمر بعد أقرانه فاحتاج الناس إلى علمه، انقرض أقرانه قبله بعشر، سنوات عشرين سنة احتاج الناس على ما عنده، ولذلك انتشر علمه انتشار الليل والنهار، بيمنا من أقرانه من لو جمعت فتاواه في مجلد مثلاً، فالتأخر تأخر السن بعد الأقران لا شك أنه تكثر الحاجة إليه، ولذا يقولون في العبادلة الأربعة ابن عمر وابن عباس، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، قالوا: ابن مسعود ليس من العبادلة الذين انتشرت فتاواهم، لماذا؟ لأنه مات قديم، وهؤلاء تأخروا حتى احتاج الناس إلى علمهم، فالحاجة هي التي تجعل الانتشار للعلم أكثر وأوسع.
ذكر ابن وهب عن محمد بن سليمان المرادي عن أبي إسحاق قال:"كنت أرى الرجل في ذلك الزمان، وإنه ليدخل يسأل عن الشيء فيدفعه الناس من مجلس إلى مجلس، حتى يدفع إلى مجلس سعيد بن المسيب كراهية للفتيا" فيجيبه سعيد، سعيد أعلم التابعين على الإطلاق، ووارث علم أبي هريرة، صهره.
وقال سحنون:"إني لأحفظ مسائل منها ما فيه ثمانية أقوال من ثمانية أئمة من العلماء، فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب قبل الخبر فلم ألام على حبس الجواب؟ ".
يعني إذا كانت المسألة فيها ثمانية أقوال فلماذا أستعجل أنا في إبداء رأيي قبل أن ينضج الرأي، فلم ألام على حسب الجواب؟ والمسألة أفتى فيها أئمة، ويأتي من الشباب من يقول: هم رجال ونحن رجال.
وقال ابن وهب حدثنا أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن ابن سيرين قال: قال حذيفة: "إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: من يعلم ما نسخ من القرآن، أو أمير لا يجد بداً أو أحمق متكلف، هذا كلام حذيفة "إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: من يعلم ما نسخ من القرآن، أو أمير لا يجد بداً، أو أحمق متكلف، قال:"فربما قال ابن سيرين: "قلت: فلست بواحد من هذين، لست الأول والثاني، ولا أحب أن أكون الثالث" يعني الأحمق المتكلف.