للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمُّ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَرَى عِدَّةَ الْأَمَةِ إِلَّا كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ، إِلَّا إِنْ مَضَتْ سُنَّةٌ فِي ذَلِكَ، فَالسُّنَّةُ أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ وَقَالَ الجمهور: عدتها قرآن.

وقرأ الجمهور: وقروء، عَلَى وَزْنِ فُعُولٍ وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ: قُرُوٍّ، بِالتَّشْدِيدِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ وَقَرَأَ الْحَسَنُ: قَرْوٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَوَاوٍ خَفِيفَةٍ، وَتَوْجِيهُ الْجَمْعِ لِلْكَثْرَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَلَمْ يَأْتِ: ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ فِي وَضْعِ أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ مَكَانَ الْآخَرِ، أَعْنِي: جَمْعَ الْقِلَّةِ مَكَانَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ، وَالْعَكْسَ. وَكَمَا جَاءَ:

بِأَنْفُسِهِنَّ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَجْمَعُ النَّفْسَ عَلَى نُفُوسٍ فِي الْكَثْرَةِ، وَقَدْ يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُ أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْإِتْيَانِ بِهِ فِي مَوْضِعِ الْآخَرِ وَيَبْقَى الْآخَرُ قَرِيبًا مِنَ الْمُهْمَلِ، وَذَلِكَ نَحْوَ: شُسُوعٍ أُوثِرَ عَلَى أَشْسَاعٍ لِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِ أَشْسَاعٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاذًّا، لِأَنَّ شِسْعًا يَنْقَاسُ فِيهِ أَفْعَالٌ وَقِيلَ: وُضِعَ بِمَعْنَى الْكَثْرَةِ، لِأَنَّ كُلَّ مُطَلَّقَةٍ تَتَرَبَّصُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَقِيلَ:

أُوثِرَ قُرُوءٌ عَلَى أَقْرَاءٍ لِأَنَّ وَاحِدَهُ قَرْءٌ، بِفَتْحِ القاف، وجمع فعلى عَلَى أَفْعَالٍ شَاذٌّ، وَأَجَازَ الْمُبَرِّدُ: ثَلَاثَةَ حَمِيرٍ، وَثَلَاثَةَ كِلَابٍ، عَلَى إِرَادَةِ: مِنْ كِلَابٍ، وَمِنْ حَمِيرٍ. فَقَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا أَجَازَهُ: ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، أَيْ: مِنْ قُرُوءٍ.

وَتَوْجِيهُ تَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَهُوَ أَنَّهُ أَبْدَلَ مِنَ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَأُدْغِمَتْ وَاوُ فُعُولٍ فِيهَا، وَهُوَ تَسْهِيلٌ جَائِزٌ مُنْقَاسٌ، وَتَوْجِيهُ قِرَاءَةِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَضَافَ الْعَدَدَ إِلَى اسْمِ الْجِنْسِ، إِذِ اسْمُ الْجِنْسِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الْجَمْعِ عَلَى حَسَبِ مَا تُرِيدُ مِنَ الْمَعْنَى، وَدَلَّ الْعَدَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ.

وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ الْمَنْهِيُّ عَنْ كِتْمَانِهِ الْحَيْضُ، تَقُولُ لَسْتُ حَائِضًا وَهِيَ حَائِضٌ، أَوْ حِضْتُ وَمَا حَاضَتْ، لتطويل العدة أو استعجال الْفُرْقَةِ، قَالَ عِكْرِمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ. أَوِ: الْحَبَلُ، قَالَهُ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ. أَوِ الْحَيْضُ وَالْحَبَلُ مَعًا، قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَالرَّبِيعُ، وَلَهُنَّ فِي كَتْمِ ذَلِكَ مَقَاصِدُ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ كَتْمَ ذَلِكَ حَرَامٌ وَدَلَّ قَوْلُهُ: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ أنهن مؤتمنات عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أُبِيحَ الِاسْتِقْصَاءُ لَمْ يُمْكِنِ الْكَتْمُ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَفْتَحَ النساء فنظر إِلَى فُرُوجِهِنَّ، وَلَكِنْ وُكِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِنَّ، إِذْ كُنَّ مُؤْتَمَنَاتٍ. انْتَهَى.

وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكْتُمَ الْمَرْأَةُ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا مِنْ حَمْلٍ وَلَا حيض، وفيه تغليط، وَإِنْكَارٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>