للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ: اللَّاتِي تَبْغِينَ إِسْقَاطَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ مِنَ الْأَجِنَّةِ، فَلَا يَعْتَرِفْنَ بِهِ، وَيَجْحَدْنَهُ لِذَلِكَ فَجُعِلَ كِتْمَانُ مَا فِي أَرْحَامِهِنَّ كِنَايَةً عَنْ إِسْقَاطِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُهُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كُلُّ مَنْ حَفِظْتُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ حِضْتُ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ، وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا أَنْ تَقُولَ: قَدْ أَسْقَطْتُ سَقْطًا قَدِ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تُصَدَّقُ فِيهَا الْمَرْأَةُ فَقَالَ مَالِكٌ: إِنِ ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ فِي أَمَدٍ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي مِثْلِهِ، قَبْلَ قَوْلِهَا: أَوْ فِي مُدَّةٍ تَقَعُ نَادِرًا، فَقَوْلَانِ،

قَالَ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) إِذَا قَالَتْ حِضْتُ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ، صُدِّقَتْ إِذَا صَدَّقَهَا النِّسَاءُ، وَبِهِ قَالَ عَلِيٌّ

وَشُرَيْحٌ، وَقَالَ فِي كِتَابِ (مُحَمَّدٍ) لَا تُصَدَّقُ إِلَّا فِي شَهْرٍ وَنِصْفٍ، وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، أَقَلُّ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَ امْرَأَةً لَمْ تَسْتَكْمِلِ الْحَيْضَ

، وَقَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ.

وَ: لهنّ، متعلق: بيحل، وَاللَّامُ لِلتَّبْلِيغِ، وَ: مَا، فِي: مَا خَلَقَ، الْأَظْهَرُ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْضًا التَّقْدِيرُ: خَلَقَهُ. وَ: فِي أَرْحَامِهِنَّ، مُتَعَلِّقٌ بخلقه، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ فِي أَرْحَامِهِنَّ حَالًا مِنَ الْمَحْذُوفِ، قِيلَ: وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، لِأَنَّهُ وَقْتَ خَلَقَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَتِمَّ خَلْقُهُ.

وَقَرَأَ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ: فِي أَرْحَامِهِنَّ وَبِرَدِّهُنَّ، بِضَمِّ الْهَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا كُسِرَتْ لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا.

إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. هَذَا شَرْطٌ جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ عَلَى الْأَصَحِّ مِنَ الْمَذَاهِبِ، حُذِفَ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، وَيُقَدَّرُ هُنَا مِنْ لَفْظِهِ، أَيْ: إِنْ كُنَّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ ذَلِكَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِالْإِيمَانِ لَا يُقْدِمُ عَلَى ارْتِكَابِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَعَلَّقَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ الْإِيمَانُ حَاصِلًا لَهُنَّ إِيعَادًا وَتَعْظِيمًا لِلْكَتْمِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا فَلَا تَظْلِمْ، وَإِنْ كُنْتَ حُرًّا فَانْتَصِرْ. يَجْعَلُ مَا كَانَ مَوْجُودًا كَالْمَعْدُومِ، وَيُعَلِّقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَالْمَعْنَى: إِنْ كُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ الْكَتْمُ، وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ فَلَا تَظْلِمْ، وَأَنْتَ حُرٌّ فَانْتَصِرْ، وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ: أَيْ، إِنْ كُنَّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ حَقَّ الْإِيمَانِ.

وَقِيلَ: إِنْ، بِمَعْنَى: إِذْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَضَمَّنَ هَذَا الْكَلَامُ الْوَعِيدَ، فَقَالَ ابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>