وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إِذَا حَلَفَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِمَا لَمْ يَتِمَّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ، وَفِي بَعْضِ الصِّفَاتِ تَفْصِيلٌ. وَخِلَافٌ ذُكِرَ فِي الْفِقْهِ.
فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ الْكَفَّارَةُ الْفِعْلَةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُكَفِّرَ الْخَطِيئَةَ أَيْ تَسْتُرُهَا، وَالضَّمِيرُ فِي فَكَفَّارَتُهُ عَائِدٌ عَلَى مَا إِنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً اسْمِيَّةً، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ إِثْمُ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ صَرِيحٌ لَكِنْ يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى، وَمَسَاكِينُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا أَوْ مِنَ الصِّنْفَيْنِ، والظاهر تعداد الْأَشْخَاصِ، فَلَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا لِكَفَّارَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وقال أبو حَنِيفَةَ يُجْزِئُ، وَتَعَرَّضَتِ الْآيَةُ لِجِنْسِ مَا يُطْعَمُ مِنْهُ وَهُوَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِمِقْدَارِ مَا يُطْعَمُ كُلُّ وَاحِدٍ هَذَا الظَّاهِرُ، وَقَدْ رَأَى مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ
أَنَّ هَذَا التَّوَسُّطَ هُوَ فِي الْقَدْرِ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ
وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ، وَرَأَى جَمَاعَةٌ أَنَّهُ فِي الصِّنْفِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْأَسْوَدُ وَعُبَيْدَةُ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْوَجْهُ أَنْ يُطْعِمَ بِلَفْظِ الْوَسَطِ الْقَدْرِ وَالصِّنْفِ انْتَهَى.
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَابْنِ الْمُسَيَّبِ مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ بِمُدِّ الرَّسُولِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ،
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ
، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالظَّاهِرُ
أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْإِطْعَامُ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَقْتًا وَاحِدًا يَسُدُّ بِهِ الْجَوْعَةَ، فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ أَجْزَأَهُ، وَبِهِ قَالَ عَلِيٌّ
وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَكَمُ وَالشَّافِعِيُّ: مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْكَفَّارَةِ تَمْلِيكُ الطَّعَامِ لِلْفُقَرَاءِ، فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ لَمْ يُجْزِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِدَامُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَوْسَطُ مَا يُطْعَمُ الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ وَالْخُبْزُ وَالزَّبِيبُ وَخَيْرُ مَا نُطْعِمُ أَهْلِينَا الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ وَعَنْ غَيْرِهِ الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، وَأَحْسَنُهُ التَّمْرُ مَعَ الْخُبْزِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُجْزِئُ الْخُبْزُ قِفَارًا وَلَكِنْ بِإِدَامِ زَيْتٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَاعَى مَا يُطْعِمُ أَهْلِيهِ الَّذِينَ يَخْتَصُّونَ بِهِ، أَيْ مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ كُلُّ شَخْصٍ شَخْصَ أَهْلِهِ، وَقِيلَ الْمُرَاعَى عَيْشُ الْبَلَدِ، فَالْمَعْنَى مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَيُّهَا النَّاسُ أَهْلِيكُمْ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ مَدِينَةٍ أَوْ صقع، ومِنْ أَوْسَطِ فِي مَوْضِعِ مَفْعُولٍ ثَانٍ لِإِطْعَامِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ عَشَرَةِ مَساكِينَ أَيْ طَعَامًا مِنْ أَوْسَطِ وَالْعَائِدُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute