للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ لِتِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْمُنْزَلُ: الْآيَاتُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالنَّصْرُ وَخَتَمَ بِصِفَةِ الْقُدْرَةِ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَدَالَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِلَّتِهِمْ عَلَى الْكَافِرِينَ عَلَى كَثْرَتِهِمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عُبُدِنَا بِضَمَّتَيْنِ كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ «١» بِضَمَّتَيْنِ فَعَلَى عَبْدِنا هُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَلى عَبْدِنا هُوَ الرَّسُولُ وَمَنْ مَعَهُ مَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَانْتِصَابُ يَوْمَ الْفُرْقانِ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ وَما أَنْزَلْنا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ ينتصب ب غَنِمْتُمْ أَيْ أَنَّ مَا غَنِمْتُمْ يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَأَنَّ خُمُسَهُ لِكَذَا وَكَذَا، أَيْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ أَيْ فَانْقَادُوا لِذَلِكَ وَسَلِّمُوا، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ فِي الْمَعْنَى وَيَعْتَرِضُ فِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الظَّرْفِ وَبَيْنَ مَا تعلقه بِهِ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْكَثِيرَةِ مِنَ الْكَلَامِ انْتَهَى، وَلَا يَجُوزُ مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَتْ مَا شَرْطِيَّةً عَلَى تَخْرِيجِ الْفَرَّاءِ لَزِمَ فِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ فِعْلِ الشَّرْطِ وَمَعْمُولِهِ بِجُمْلَةِ الْجَزَاءِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً فَلَا يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَ فِعْلِ الصِّلَةِ وَمَعْمُولِهِ بِخَبَرِ أَنَّ.

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ الْعُدْوَةُ شَطُّ الْوَادِي وَتُسَمِّي شَفِيرًا وَضَفَّةً سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا عَدَتْ مَا فِي الْوَادِي مِنْ مَاءٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ أَيْ مَنَعَتْهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

عَدَتْنِي عَنْ زِيَارَتِهَا الْعَوَادِي ... وَقَالَتْ دُونَهَا حَرْبٌ زَبُونُ

وَتَسَمَّى الْفَضَاءُ الْمُسَايِرُ لِلْوَادِي عُدْوَةً لِلْمُجَاوَرَةِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِالْعُدْوَةِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِيهِمَا وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالضَّمِّ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ بِالْفَتْحِ وَأَنْكَرَ أَبُو عَمْرٍو الضَّمَّ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْكَسْرُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الضَّمُّ أَكْثَرُهُمَا، وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ الْكَسْرُ لُغَةُ الْحِجَازِ انْتَهَى، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثُ لُغًى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ مَصْدَرًا سُمِّيَ بِهِ وَرُوِيَ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ بَيْتُ أَوْسٍ:

وَفَارِسُ لَمْ يَحِلَّ الْيَوْمَ عدوته ... ولو إسراعا وما هموا بإقبال

وقرىء بالعدية بقلب الواو لِكَسْرَةِ الْعَيْنِ وَلَمْ يَعْتَدُّوا بِالسَّاكِنِ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ غَيْرُ حَصِينٍ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي صِبْيَةٍ وَقِنْيَةٍ وَدِنْيَا مِنْ قَوْلِهِمْ هُوَ ابْنُ عَمِّي دِنْيَا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا التَّصْحِيحُ كَالصِّفْوَةِ وَالذِّرْوَةِ وَالرِّبْوَةِ وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِالْعُدْوَةِ الْعُلْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ السُّفْلَى وَوَادِي بَدْرٍ آخِذِينَ الشَّرْقَ وَالْقِبْلَةَ مُنْحَرِفٌ إِلَى الْبَحْرِ الَّذِي هُوَ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ الصُّقْعِ


(١) سورة المائدة: ٥/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>