للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقَدَّمًا إِلَّا فِي الشِّعْرِ. وَقِيلَ: انْتَصَبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ يَجْزِي جَزاءً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:

وَمَنْصُوبٌ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالْمُرَادُ بِالْحُسْنَى عَلَى قِرَاءَةِ النَّصْبِ الْجَنَّةُ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ جَزاءً الْحُسْنى بِرَفْعِ جَزاءً مُضَافًا إِلَى الْحُسْنى. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ جَزَاءُ الْخِلَالِ الْحَسَنَةِ الَّتِي أَتَاهَا وَعَمِلَهَا أَوْ يُرَادُ بِالْحُسْنَى الْحَسَنَةُ وَالْجَنَّةُ هِيَ الْجَزَاءُ، وَأَضَافَ كَمَا قَالَ دَارَ الآخرة وجَزاءً مُبْتَدَأٌ وَلَهُ خَبَرُهُ.

وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي إِسْحَاقَ فَلَهُ جَزاءً مَرْفُوعٌ وهو مبتدأ وخبر والْحُسْنى بَدَلٌ مِنْ جَزاءً. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٌ جَزاءً نُصِبَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ الْحُسْنى بِالْإِضَافَةِ، وَيُخَرَّجُ عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأُ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، أَيْ فَلَهُ الْجَزَاءُ جَزاءً الْحُسْنى وَخَرَّجَهُ الْمَهْدَوِيُّ عَلَى حَذْفِ التَّنْوِينِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ يُسْراً بِضَمِّ السِّينِ حَيْثُ وَقَعَ.

ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً أَيْ طَرِيقًا إِلَى مَقْصِدِهِ الَّذِي يُسِّرَ لَهُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِيسَى وَابْنُ مُحَيْصِنٍ مَطْلِعَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَرُوِيَتْ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَهْلِ مكة وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِهَا وَهُوَ سَمَاعٌ فِي أَحْرُفٍ مَعْدُودَةٍ، وَقِيَاسُ كَسْرِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُضَارِعُ تَطْلِعُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ: هَذِهِ لُغَةٌ مَاتَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ، يَعْنِي ذَهَبَ مَنْ يَقُولُ مِنَ الْعَرَبِ تَطْلِعُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَبَقِيَ مَطْلِعَ بِكَسْرِهَا فِي اسْمِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ عَلَى ذَلِكَ الْقِيَاسِ، وَالْقَوْمُ هُنَا الزِّنْجُ. وَقَالَ قَتَادَةُ هُمُ الْهُنُودُ وَمَا وَرَاءَهُمْ. وَالسِّتْرُ الْبُنْيَانُ أَوِ الثِّيَابُ أَوِ الشَّجَرُ وَالْجِبَالُ أَقْوَالٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا شَيْءَ لَهُمْ يَسْتُرُهُمْ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ. وَقِيلَ: تَنْفُذُ الشَّمْسُ سُقُوفَهُمْ وَثِيَابَهُمْ فَتَصِلُ إِلَى أَجْسَامِهِمْ. فَقِيلَ: إِذَا طَلَعَتْ نَزَلُوا الْمَاءَ حَتَّى يَنْكَسِرَ حَرُّهَا قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَقِيلَ: يَدْخُلُونَ أَسْرَابًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: السُّودَانُ عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالظَّاهِرُ مِنَ اللَّفْظِ أَنَّهَا عِبَارَةٌ بَلِيغَةٌ عَنْ قُرْبِ الشَّمْسِ مِنْهُمْ، وَفِعْلُهَا بِقُدْرَةِ اللَّهِ فِيهِمْ وَنَيْلُهَا مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُمْ أَسْرَابٌ لَكَانَ سِتْرًا كَثِيفًا انْتَهَى. وَقَالَ بَعْضُ الرُّجَّازِ:

بِالزِّنْجِ حَرٌّ غَيَّرَ الْأَجْسَادَا ... حَتَّى كسى جُلُودَهَا سَوَادَا

وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قُوَّةِ حَرِّ الشَّمْسِ عِنْدَهُمْ وَاسْتِمْرَارِهَا. كَذَلِكَ الْإِشَارَةُ إِلَى الْبُلُوغِ أَيْ كَمَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ بَلَغَ مَطْلَعَهَا. وَقِيلَ أَتْبَعَ سَبَباً كَمَا أَتْبَعَ سَبَباً. وَقِيلَ: كَمَا وَجَدَ أُولَئِكَ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَحَكَمَ فِيهِمْ كَذَلِكَ وَجَدَ هَؤُلَاءِ عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَحَكَمَ فِيهِمْ.

وَقِيلَ: كَذَلِكَ أَمَرَهُمْ كَمَا قَصَصْنَا عَلَيْكُمْ. وَقِيلَ: تَطْلُعُ طُلُوعُهَا مِثْلُ غُرُوبِهَا. وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>