هُمْ، وَوَجَّهَهَا أَبُو الْفَتْحِ عَلَى تَنْزِيلِ اسْمِ الْفَاعِلِ مَنْزِلَةَ الْمُضَارِعِ، وَأَنْشَدَ الطَّبَرِيُّ عَلَى هَذَا قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وَمَا أَدْرِي وَظَنِّي كُلُّ ظَنٍّ ... أَمُسْلِمُنِي إِلَى قَوْمِي شَرَاحِي
قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ شَرَاحِيلَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُرِيدُ مُطَّلِعُونَ إِيَّايَ، فَوَضَعَ الْمُتَّصِلَ مَوْضِعَ الْمُنْفَصِلِ كَقَوْلِهِ:
هُمُ الْفَاعِلُونَ الْخَيْرَ وَالْآمِرُونَهُ أَوْ شَبَّهَ اسْمَ الْفَاعِلِ فِي ذَلِكَ بِالْمُضَارِعِ لِتَآخٍ بَيْنَهُمَا، كَأَنَّهُ قَالَ: تَطَّلِعُونَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ. انْتَهَى. وَالتَّخْرِيجُ الثَّانِي تَخْرِيخُ أَبِي الْفَتْحِ، وَتَخْرِيجُهُ الْأَوَّلُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَوَاضِعِ الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ، فَيَكُونُ الْمُتَّصِلُ وُضِعَ مَوْضِعَهُ، لَا يَجُوزُ هِنْدٌ زَيْدٌ ضَارِبٌ إِيَّاهَا، وَلَا زَيْدٌ ضَارِبٌ إِيَّايَ، وَكَلَامُ الزَّمَخْشَرِيِّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، فَالْأَوْلَى تَخْرِيجُ أَبِي الْفَتْحِ، وَقَدْ جَاءَ مِنْهُ:
أَمُسْلِمُنِي إِلَى قَوْمِي شَرَاحِي وَقَوْلُ الْآخَرِ:
فَهَلْ فَتًى مِنْ سَرَاةِ الْقَوْمِ يَحْمِلُنِي ... وَلَيْسَ حَامِلُنِي إِلَّا ابْنُ خمال
وَقَالَ الْآخَرُ:
وَلَيْسَ بِمُعْيِينِي فَهَذِهِ أَبْيَاتٌ ثَبَتَ التَّنْوِينُ فِيهَا مَعَ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، فَكَذَلِكَ ثَبَتَتْ نُونُ الْجَمْعِ معها إجزاء للنون مجرى التنوين، لا لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي السُّقُوطِ لِلْإِضَافَةِ. وَيُقَالُ: طَلَعَ عَلَيْنَا فُلَانٌ وَاطَّلَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَنْ قَرَأَ: فَأُطْلِعَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، فَضَمِيرُهُ الْقَائِلُ الَّذِي هُوَ الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يسم فَاعِلُهُ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْهَمْزَةِ، إِذْ يَقُولُ: طَلَعَ زَيْدٌ وَأَطْلَعَهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ:
طَلَعَ وَاطَّلَعَ، إِذَا بَدَا وَظَهَرَ وَاطَّلَعَ اطِّلَاعًا، إِذَا أَقْبَلَ وَجَاءَ مَبْنِيًّا، وَمَعْنَى ذَلِكَ: هَلْ أَنْتُمْ مُقْبِلُونَ؟ فَأُقْبِلَ. وَإِنْ أُقِيمَ الْمَصْدَرُ فِيهِ مُقَامَ الْفَاعِلِ بِتَقْدِيرِهِ فَاطَّلَعَ الِاطِّلَاعُ، أَوْ حَرْفِ الْجَرِّ الْمَحْذُوفِ، أَيْ فاطلع به، لأنه اطَّلَعَ لَازِمٌ، كَمَا أَنَّ أَقْبَلَ كَذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَطَّلَعَ عُدِّيَ بِالْهَمْزَةِ مِنْ طَلَعَ اللَّازِمِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ حَرْفِ الْجَرِّ الْمَحْذُوفِ، أَيْ فَاطَّلَعَ بِهِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ، لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْفَاعِلِ. فَكَمَا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute