اسْتَطَعْتُمْ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَحْتَهُ أَفْرَادٌ كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا «١» .
يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ، سَاقَهُمْ شُوَاظٌ إِلَى الْمَحْشَرِ. وَالشُّوَاظُ: لَهَبُ النَّارِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اللَّهَبُ الْأَحْمَرُ الْمُنْقَطِعُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ:
الدُّخَانُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ اللَّهَبِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: شُوَاظٌ، بِضَمِّ الشِّينِ وَعِيسَى وَابْنُ كَثِيرٍ وَشِبْلٌ: بِكَسْرِهَا. وَالْجُمْهُورُ وَنُحاسٌ: بِالرَّفْعِ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو: بِالْجَرِّ وَالْكَلْبِيُّ وَطَلْحَةُ وَمُجَاهِدٌ: بِكَسْرِ نُونِ نِحَاسٍ وَالسِّينِ. وَقَرَأَ ابْنُ جُبَيْرٍ:
وَنَحْسٌ، كَمَا تَقُولُ: يَوْمٌ نَحْسٌ. وَقَرَأَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا:
وَنَحُسُّ مُضَارِعًا، وَمَاضِيهِ حَسَّهُ، أَيْ قَتَلَهُ، أَيْ وَيُحِسُّ بِالْعَذَابِ. وَعَنِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ أيضا: ونحس بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ فِي الْحَاءِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَحَنْظَلَةُ بْنُ نُعْمَانَ: وَنَحِسٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ وَالْحَسَنُ وَإِسْمَاعِيلُ: وَنُحُسٍ بِضَمَّتَيْنِ وَالْكَسْرِ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ:
نُرْسِلُ بِالنُّونِ، عَلَيْكُمَا شُوَاظًا بِالنَّصْبِ، مِنْ نَارٍ وَنُحَاسًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى شُوَاظًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جبير وَالنُّحَاسُ: الدُّخَانُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ: هُوَ الصُّفْرُ الْمَعْرُوفُ، وَالْمَعْنَى: يُعْجِزُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، أَيْ أَنْتُمَا بِحَالِ مَنْ يُرْسَلُ عَلَيْهِ هَذَا، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِمَّا يُرْسَلُ عَلَيْهِ.
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ: جَوَابُ إِذَا مَحْذُوفٌ، أَيْ فَمَا أَعْظَمَ الْهَوْلَ، وَانْشِقَاقُهَا:
انْفِطَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَكانَتْ وَرْدَةً: أَيْ مُحْمَرَّةً كَالْوَرْدِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو صَالِحٍ:
هِيَ مِنْ لَوْنِ الْفَرَسِ الْوَرْدِ، فَأُنِّثَ لِكَوْنِ السَّمَاءِ مُؤَنَّثَةً. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْيَوْمَ زَرْقَاءُ، وَيَوْمَئِذٍ تَغْلِبُ عَلَيْهَا الْحُمْرَةُ كَلَوْنِ الْوَرْدِ، وَهِيَ النَّوَّارُ الْمَعْرُوفُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَيُرِيدُ كَلَوْنِ الْوَرْدِ، وقال الشاعر:
فلو كانت وَرْدًا لَوْنُهُ لَعَشِقْتِنِي ... وَلَكِنَّ رَبِّي شَانَنِي بِسَوَادِيَا
وَقَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ: وَرْدَةٌ صَفْرَاءُ. وَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْخَيْلَ الْوَرْدَ؟ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَرَادَ لَوْنَ الْفَرَسِ الْوَرْدِ، يَكُونُ فِي الرَّبِيعِ إِلَى الصُّفْرَةِ، وَفِي الشِّتَاءِ إِلَى الْحُمْرَةِ، وَفِي اشْتِدَادِ الْبَرْدِ إِلَى الْغُبْرَةِ، فَشَبَّهَ تَلَوُّنَ السَّمَاءِ بِتَلَوُّنِ الْوَرْدَةِ مِنَ الْخَيْلِ، وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ. كَالدِّهانِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَدِيمُ الْأَحْمَرُ، وَمِنْهُ قول الأعشى:
(١) سورة الحجرات: ٤٩/ ٩.