يُعَاتِبُنِي فِي الدَّيْنِ قَوْمِي وَإِنَّمَا ... دُيُونِي فِي أَشْيَاءَ تُكْسِبُهُمْ حَمْدَا
وَمِنْهَا:
لَهُمْ جُلُّ مَالِي إِنْ تَتَابَعَ لِي غِنَى ... وَإِنْ قَلَّ مَالِي لَمْ أُكَلِّفْهُمْ رِفْدَا
وَكَانُوا يُحْسِنُونَ إِلَى الْيَتَامَى وَيَلْطُفُونَ بِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ:
إِذَا بَعْضُ السِّنِينَ تَعَرَّقَتْنَا ... كَفَى الْأَيْتَامَ فَقْدُ أَبِي الْيَتِيمِ
وَيَفْتَخِرُونَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ مِنَ الْأَضْيَافِ وَالْمُسَافِرِينَ، كَمَا قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى:
عَلَى مُكْثِرِيهِمْ رِزْقُ مَنْ يَعْتَرِيهِمُ ... وَعِنْدَ الْمُقِلِّينَ السَّمَاحَةُ وَالْبَذْلُ
وَقَالَ الْمُقَنَّعُ وَإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ مَا دَامَ نَازِلًا وَقَالَ آخَرُ
وَرُبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الْحَيَّ سُرَى ... صَادَفَ زَادًا وَحَدِيثًا مَا اشْتَهَى
وَقَالَ مُرَّةُ بْنُ مَحْكَانَ:
لَا تَعْذِلِينِي عَلَى إِتْيَانِ مَكْرُمَةٍ ... نَاهَبْتُهَا إِذْ رَأَيْتُ الْحَمْدَ مُنْتَهَبَا
فِي عُقْرِ نَابٍ وَلَا مَالٌ أَجْوَدُ بِهِ ... وَالْحَمْدُ خَيْرٌ لِمَنْ يَنْتَابُهُ عَقِبَا
وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ الأرت:
وإني لقوّال لعافيّ: مَرْحَبَا ... وَلِلطَّالِبِ الْمَعْرُوفِ: إِنَّكَ واجده
وإني لمما أَبْسُطُ الْكَفَّ بِالنَّدَى ... إِذَا شَنِجَتْ كَفُّ الْبَخِيلِ وَسَاعِدُهْ
فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شِيَمِهِمُ الْكَرِيمَةِ جَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْبِرِّ الَّذِي يَنْطَوِي عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مقدمة لإيتاء الزكاة، يحرص عَلَيْهَا بِذَلِكَ، إِذْ مَنْ كَانَ سَبِيلُهُ إِنْفَاقَ مَالِهِ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وإيتاء السَّبِيلِ عَلَى سَبِيلِ الْمَكْرُمَةِ، فَلَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْفَاقَهُ مِنَ الزَّكَاةِ الَّتِي هِيَ طُهْرَتُهُ وَيَرْجُو بِذَلِكَ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ عِنْدَهُ أَوْكَدُ وَأَحَبُّ إِلَيْهِ.
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا: وَالْمُوفُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ آمَنَ، وَقِيلَ: رَفْعُهُ عَلَى إِضْمَارِ، وَهُمُ الْمُوفُونَ، وَالْعَامِلُ فِي: إِذَا، الْمُوفُونَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ الْإِيفَاءُ بِالْعَهْدِ