فجاءهم القرآن- وهم يعرفون أنه الحق- جاءهم ليوقظهم من هذه النومة التي نعموا بها، وليزعجهم عن هذا المواطن الذي اطمأنوا إليه فى شأن المسيح:
فقال تعالى:«وَما قَتَلُوهُ، وَما صَلَبُوهُ» .
هكذا يعلنهم القرآن بهذا الحكم القاطع الجازم!.
يعلنهم دون أن يقيم له حيثيات، أو يأتى له بأدلة وبراهين!.
وحسب القرآن أن يقول قولا وأن يحكم حكما، فيقوم الوجود كله شاهدا له وبرهانا عليه، وهذا الحكم- كما قلنا- يقطع اليهود عن أحلامهم بالمسيح المنتظر، ويملأ قلوبهم حسرة وكمدا، لأنهم تركوا الخير الذي كان بين أيديهم، وتعّلقوا بأوهام وخيالات لا تقع أبدا.. وهذا بعض ما يشير إليه القرآن فى قوله تعالى:«فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ» . فقد ظلموا أنفسهم وخسروا خسرانا مبينا بتطاولهم على المسيح وبتكذيبهم له، فكان أن حرمهم الله هذا الخير الطيب الذي مدّ إليهم من يد كريمة طاهرة، وكان أن أصبح هذا الخير محرّما عليهم إلى الأبد، لا ينالون منه شيئا!.
«وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ» وهنا نقف أمام حقيقة تاريخية لا سبيل إلى إنكارها وهى أن هناك شخصا صلب تحت اسم «يسوع» بن مريم..
فمن هو ذلك الشخص؟.
اليهود على زعم أنه هو «يسوع» بن مريم الذي كان يدّعى أنه المسيح ابن الله، أو هو المسيح «الله» .
والقرآن يقول إن المسيح عيسى بن مريم هذا لم يقتل ولم يصلب؟.
وإذ يقول القرآن هذا القول، فهو إنما يقول الحق الذي لالبس فيه، ويبقى بعد ذلك أن تقوم الأدلة على نقض هذا القول.. ونقض هذا القول بالبرهان