فمنها، أن شعورا كان متسلطا على اليهود يومذاك بأن القديسيين والأنبياء يمكن أن يقوموا من الأموات، وأن يصلوا من حياتهم ما انقطع بسبب الموت.. ولهذا كان معتقد كثير من اليهود أن المسيح هو يوحنا المعمدان قام من الأموات! ومنها أيضا أن بطرس حين قال للمسيح: أنت مسيح الله، انتهره، وأوصى تلاميذه ألا يقولوا ذلك لأحد.. وعلل ذلك بأن ابن الإنسان- أي المسيح- ينبغى أن يتألم كثيرا، وأن يرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، وفى اليوم الثالث يقوم.
ولا ندرى- إذا كان المسيح هو المسيح-لماذا ينكر نفسه؟ ولماذا لا يلقى الناس على الصفة التي جاء بها؟ إن ذلك هو أول ما ينبغى أن يتحدث به إلى الناس، حتى يعرفوا شخص من يتعاملون معه، والصفة التي له وإلا تقطعت بينه وبينهم الأسباب، وكانت دواعى التناكر والتنابذ أشد وأقوى من دواعى التعارف والتآلف! فكيف ينكر المسيح صفته؟ وكيف للناس أن يعرفوه، وهو يأبى إلا أن يستر حاله عنهم، ويقيم بينهم وبينه حجبا وأستارا، ويكلمهم من وراء حجاب؟ فبأى وجه يلقاهم؟ ومن هو؟ وما صفته التي يخاطبهم بها؟
ندع هذا.
وننظر فيما يتكشف من هذا الخبر من ملابسات تتصل بشخصية المسيح قبل حادثة الصلب..
فها نحن أولا نرى السيد المسيح يكشف لتلاميذه عن شخصيته، وأنه المسيح.. مسيح الله..!