عرض آراء الزمخشرى أن اللحن الذى جاء على لسان عثمان مراد به توجيه الكلام توجيها ليس على ظاهره، وأن المراد بتقويم الألسنة أو اللغات له: بيان الوجه المراد معه، هذا إن صح ما نسب إلى عثمان.
وأما ما جاء منسوبا إلى عائشة، فما أظن عائشة تسكت على خطأ الكتّاب فى كتاب الله وترضى به يشيع ويخرج عن المدينة إلى الأمصار، ولم تكن بعيدة عن عثمان ولا عن الصحابة الكاتبين، وما أظنها كانت أقل منهم حرصا على سلامة كتاب الله. وحسبك ما قدمه الزمخشرى فى هذه.
وأما عن تلك التى ينسبونها لأبان بن عثمان، فلا أدرى كيف جاءت على لسانه، مع العلم بأنه ممن لم يشهدوا عصر التدوين، ولا كان حاضرا ذلك، فلقد كانت وفاته سنة ١٠٥ هـ، وعثمان مات سنة ٣٥ هـ.
وبعد. فهذا الذى نسب إلى أبان استنباط لا رواية مأثورة، وهذا الاستنباط الذى استنبطه أبان لا يصح إلا عن مشاهدة أو سماع عن مشاهدة. وكلاهما لم يتوفر لهذا الحكم.
وثالث الأشياء التى أردت ألا أسكت عنها: هو ما يعزوه أصحاب التواليف فى المصاحف إلى الحجاج بن يوسف، وأنه غير فى مصحف عثمان أحد عشر حرفا، وقد رواها أبو بكر السجستانى فى كتابة المصاحف مرتين.
الأولى يقول فيها: حدثنا عبد الله: حدثنا أبو حاتم السجستانى: حدثنا عباد ابن صهيب، عن عوف بن أبى جبلة: أن الحجاج بن يوسف غير فى مصحف عثمان أحد عشر حرفا.
والثانية يقول فيها: قال أبوبكر- يعنى نفسه- كان فى كتاب أبى: حدثنا رجل. فسألت أبى: من هو؟ فقال: حدثنا عباد بن صهيب، عن عوف بن أبى جبلة: أن الحجاج بن يوسف غير فى مصحف عثمان أحد عشر حرفا.