للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفات، غير محتاج لذلك إلى البيان والإيضاح كصفات الله الجارية عليه تعالى تمجيدا وتعظيما.

الثالثة الأيمان إفعال من الأمن. يقال: أمنته وآمنته غيري. ثم يقال: أمنه إذا صدقه.

وحقيقته أمنه التكذيب. والمخالفة والتعدية بالباء لتضمينه معنى أقر واعتبر ووثق به. قال في التفسير الكبير: اختلف أهل القبلة في مسمى الإيمان على أربعة أقوال: الأول: قول المعتزلة والخوارج والزيدية وأهل الحديث أنه اسم الأفعال القلوب واللسان والجوارح، لكن المعتزلة قالوا: الإيمان إذا عدي بالباء فمعناه التصديق على تضمين الإقرار أو الوثوق كما مر من حيث اللغة وأما إذا ذكر مطلقا فمنقول إلى معنى آخر وهو أن يعتقد الحق ويعرب عنه بلسانه ويصدقه بعمله. فمن أخل بالاعتقاد وإن شهد وعمل فهو منافق، ومن أخل بالشهادة فهو كافر، ومن أخل بالعمل فهو فاسق. ثم اختلفوا فبعضهم- كواصل بن عطاء والقاضي عبد الجبار- قالوا: الإيمان عبارة عن فعل كل الطاعات سواء كانت واجبة أو مندوبة، أو من باب الأقوال أو الافعال أو الاعتقادات. وبعضهم- كأبي علي وأبي هاشم- إنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون النوافل، وبعضهم- كأبي علي وأبي هاشم- إنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون يكون من الكبائر ما لم يرد فيه الوعيد، فالمؤمن عند الله من اجتنب كل الكبائر، والمؤمن عندنا من اجتنب كل ما ورد فيه لوعيد. والخوارج قالوا: الإيمان بالله يتناول المعرفة بالله وبكل ما وضع الله عليه دليلا عقليا أو نقليا من الكتاب والسنة، ويتناول طاعة الله في جميع ما أمر به من الافعال والتروك صغيرا كان أو كبيرا. فمجموع هذه الأشياء هو الإيمان وترك خصلة من هذه الخصال كفر، وأهل الحديث ذكروا وجهين: الأول: أن المعرفة إيمان كامل وهو الأصل ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة. وهذه الطاعات لا يكون شيء منها إيمانا إلا إذا كانت مرتبة على الأصل الذي هو المعرفة. وزعموا أن الجحود وإنكار القلب كفر، ثم كل معصية بعده كفر على حدة، ولم يجعلوا شيئا من الطاعات إيمانا ما لم توجد المعرفة والإقرار، ولا شيئا من المعاصي كفرا ما لم يوجد الجحود والإنكار. الثاني: أن الإيمان اسم للطاعات كلها فريضة أو نافلة إلا أنه إذا ترك فريضة انتقض إيمانه، وإن ترك نافلة لم ينتقض. ومنهم من قال: الإيمان اسم للفرائض دون النوافل. (القول الثاني) : قول من قال الإيمان بالقلب واللسان معا. ثم اختلفوا على مذاهب: الأول: أن الإيمان إقرار باللسان ومعرفة بالجنان وهو مذهب أبي حنيفة وعامة الفقهاء، ثم اختلفوا في موضعين: أحدهما في حقيقة هذه المعرفة، فمنهم من قال: هي الاعتقاد الجازم سواء كان اعتقادا تقليديا أو علما صادرا عن الدليل وهم الأكثرون الذين يحكمون بأن المقلد مسلم، ومنهم من فسرها بالعلم الصادر عن الاستدلال. وثانيهما في أن العلم المعتبر في تحقق الإيمان علم بماذا؟ قال

<<  <  ج: ص:  >  >>