للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيح وقوع أيّ ممكن كان على «لا وقوعه» لآيات للعقلاء. إلا أن الكلام لما كان مع الإنس أو الجن فحسب بل مع الثقلين، ولا مع قرن دون قرن بل مع القرون كلهم إلى انقراض الدنيا وفيهم من مرتكبي التقصير في باب النظر والعلم بالصانع من لا يحصي من طوائف الغواة، لم يكن مقام أدعى لترك الإيجاز إلى الإطناب من هذا.

عن عطاء قال: نزل بالمدينة على النبي صلى الله عليه وسلم وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فقالت كفار قريش بمكة- ولهم حينئذ حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما-: كيف يسع الناس إله واحد؟ فنزلت إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إلى آخرها

وعن سعيد بن مسروق: لما نزلت وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ تعجب المشركون وقالوا: إله واحد؟ إن كان صادقا فليأتنا بآية فنزلت. وزعم بعض الناس أن الخلق هو المخلوق وهو الذي يدل على الصانع. والتحقيق أنه غيره لأن الخلق التقدير، وتقدير المخلوقات غير نفس المخلوقات، ولو كان عينها والخالقية صفة لله تعالى لزم اتصافه تعالى بالقاذورات، والشياطين. ولأنه يصح تعليل حدوث الحادث بخلق الله تعالى فلا يصح تعليل حدوثه بنفس ذلك الحادث، ولأنه يصح أن يقال: خلق السواد وخلق البياض ومفهوم الخلق فيهما واحد، ومفهوم السواد غير مفهوم البياض، ولاتفاق المعتبرين من النحاة على أن العالم في قول «خلق الله العالم» مفعول به لا مفعول مطلق.

ثم لا نزاع في الاستدلال على الخالق بالمخلوق، لكن لا من جهة عينه بل من جهة خلق الله إياه، وهذه الجهة التي صيرته آية.

وقد عدد الله تعالى في هذه الآية ثماني آيات:

الأولى: خلق السموات وقد تكلمنا في عددها وترتيبها في تفسير قوله تعالى فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ [البقرة: ٢٩] وقد زعم أهل الهيئة لما شاهدوا من كل واحد من السيارات السبع حركات مختلفة كالبطء والسرعة بعد التوسط في الحركة والوقوف والرجوع بعد الاستقامة وهي الحركة على توالي البروج وعندهم مقدمتان كليتان إحداهما أن السماويات لا يتطرق إليها إلا الاختلاف الوضعي.

الثانية: أن حركة الكوكب في الفلك ليست كحركة السمك في الماء ولكنه يدور بإدارة الفلك إياه، أن كل واحد من أفلاك السيارات ينقسم إلى أفلاك أخر يتضمنها فلكه الكلي الذي مركزه مركز العالم، ومراكزها تخالف مركزه في الأغلب. ثم إن كان مع المخالفة في المركز محيطا بالأرض يخص باسم الخارج المركز ويبقى بعد توهم انفصاله من الفلك الكلي جسمان تعليميان متبادلا وضع الغلظ والرقة يسميان المتممين، وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>