للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا النبي من اهل النفاق وَالْكافِرُونَ المجاهرون الجاحدون الجازمون في الإنكار والتكذيب صريحا ماذا أَرادَ اللَّهُ العليم الحكيم بِهذا اى شيء أراد بهذا العدد المستغرب المستبعد الى حيث صار في الاستغراب والاستبعاد مَثَلًا سائرا دائرا بين الناس يتداورونه ويتداولونه مستبعدين مستهزئين وبالجملة كَذلِكَ اى مثل ما سمعت يا أكمل الرسل من استيقان البعض واستنكار البعض الآخر بهذا العدد المذكور يُضِلُّ اللَّهُ الحكيم العليم حسب قهره وجلاله مَنْ يَشاءُ إضلاله من عباده ويريد مقته وضلاله وَيَهْدِي ايضا بمقتضى لطفه وجماله مَنْ يَشاءُ منهم إذ هو فاعل على الإطلاق بالإرادة والاختيار وكمال الاستقلال والاستحقاق وَبالجملة ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل اى مظاهر لطفه وقهره وجلاله وجماله إِلَّا هُوَ إذ هو المستقل بالاحاطة والشمول لا يعزب عنه شيء من الفروع والأصول إذ لا سبيل للعباد الى إحصاء أوصافه وأسمائه التي تترتب عليها مظاهره ومصنوعاته ما للعباد ورب الأرباب وَبالجملة ما هِيَ اى ذكر سقر ووصفها وعدة خزنتها إِلَّا ذِكْرى اى عظة وتذكرة نازلة من قبل الحق لِلْبَشَرِ المجبولين على العبرة والنظر المكلفين بجلب النفع ودفع الضرر وبالحذر عن مقتضى القهر والجلال والركون الى مقتضى اللطف والجمال

كَلَّا وحاشا ان يتذكر بها هؤلاء الحمقى الا من وفقه الحق وأدركته العناية من جانبه وَحق الْقَمَرِ المنير

وَاللَّيْلِ المظلم وكيفية تصاريف القمر المضيء في ظلمة الليل وانمحاء نوره إِذْ أَدْبَرَ اى قد ولى وانصرف ذاهبا يعنى بالقمر نور الايمان المشرق في الليل الذي هو عبارة عن ظلمة عالم الكون والفساد والمترتب على التعينات العدمية الحاصلة من انعكاس شمس الذات

وَالصُّبْحِ الذي هو عبارة عن ظهور نور الوجود وطلوع شمس الذات الاحدية التي انمحت وفنيت إِذا أَسْفَرَ اى أضاء وأشرق اظلال التعينات وانتثرت كواكب الهويات وأنطقت شهب العكوس واضمحلت مطلقا الإضافات المترتبة على تلك التعينات

إِنَّها اى سقر الطرد والحرمان وسعير الزجر والخذلان والخزنة المعدودين الموكلين عليها بقدرة الله وارادته لَإِحْدَى الْكُبَرِ اى احدى البلايا والمصائب الكبار النازلة لأصحاب الضلال بمقتضى القهر الإلهي وجلاله وانما أنزلها في كتابه واخبر عنها لتكون

نَذِيراً لِلْبَشَرِ ينذرهم ويحذرهم عن حر سقر

لِمَنْ شاءَ وأراد سبحانه مِنْكُمْ ايها المكلفون المجبولون على الهداية والضلالة أَنْ يَتَقَدَّمَ بالإيمان والأعمال الصالحة وفعل الخيرات وترك المنكرات فيهتدى بطريق النجاة منها أَوْ يَتَأَخَّرَ للكفر وارتكاب المناهي والمنكرات وفعل المحرمات فوقع فيها وازدجر وبالجملة

كُلُّ نَفْسٍ من النفوس الخيرة والشريرة بِما كَسَبَتْ واقترفت رَهِينَةٌ مرتهنة مرهونة عند الله بكسبها فكسبها ان كان لأجل الدنيا وما يترتب عليها من اللذات والشهوات البهيمية والوهمية والخيالية من الجاه والثروة والاستكبار والاستعظام بالأموال والأولاد ترتب عليها انواع العقوبات والمصيبات وان كان لأجل الآخرة من الايمان والإسلام وصوالح الأعمال والأفعال واحتمال المتاعب والمشاق في طريق الحق وتوحيده ترتب عليها اصناف المثوبات وانواع الكرامات والدرجات العلية والمقامات السنية من اللذات الروحانية

إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ وهم الصائرون الى الله السائرون نحوه بافناء هوياتهم الباطلة في هوية الحق المتجردون عن لوازم عالم الناسوت بالمرة المتلبسون بحلل عالم اللاهوت حسب جود حضرة الرحموت المتمكنون

فِي جَنَّاتٍ متنزهات موصوفة

<<  <  ج: ص:  >  >>