للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المخلصين عن ربقة التلوين والتقليد باستيلاء سلطان الإطلاق المفنى للاغيار مطلقا ان الأمور الإلهية الجارية على حسب الأوصاف الذاتية مرهونة بأوقات مقدرة وآجال معينة مخصوصة من عنده سبحانه بحيث لا تتقدم عليها ولا تتأخر عنها بل إذا وصل وقتها فقد وقعت فيه حتما حكما مبرما جزما لا تتخلف عنها أصلا الا إذا علق تقديمها او تأخيرها ووقتها في حضرة علمه القديم على امر من الأمور لذلك امر عباده بالدعاء والمناجاة معه ربما اتفق عليه ووافق له فالاستخبار والاستعجال انما هو من شيم اهل الزيغ والضلال المقيدين بسلاسل الأسباب وأغلال الوسائل واما ارباب الإطلاق المتحيرون في بيداء الألوهية الوالهون في فضاء الربوبية لا يستقدمون ولا يستأخرون في عموم الأمور الحادثة بل جريان الأمور كلها عندهم على سبيل التجدد الابداعى وعلقة الأسباب والوسائل العادية والروابط الرسمية ما هي عندهم الا توهمات باطلة وتخيلات عاطلة تنشأ من الإضافات العدمية والاعتبارات الوهمية الحاصلة من توهم الزمان والمكان المتفرعين عن الجهات العدمية بالنسبة الى المحبوسين في مضيق الأزل والأبد والاول والآخر والمبدأ والمنتهى لذلك اخبر سبحانه عباده بجريان امره على مقتضى مراده حسب تجلياته وتطوراته وقت تعلق ارادته ومشيته بإظهاره وإيجاده فقال متيمنا باسمه الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي قد تجلى بأسمائه الحسنى وأوصافه العليا على عموم ما تجلى من مظاهره ومصنوعاته بلا سبق زمان ومكان الرَّحْمنِ الذي قد دبر امور عباده على مقتضى مراده بأحسن التدبير في مبدأهم ومعادهم بلا مشاركة ظهير ومشير الرَّحِيمِ الذي قد هداهم الى سبيل توحيده بالإنذار والتبشير وأرسل إليهم الأنبياء ليبينوا لهم طريق الرشد ويجنبوهم عن سبيل الغي والضلال وانزل عليهم الكتب المبينة الفارقة بين الحق والباطل والحرام والحلال وأخبرهم فيها عن يوم الحشر والعرض الموعود للجزاء والسؤال عما جرى عليهم في النشأة الاولى من الأحوال فلهم ان يصدقوه ويؤمنوا له ولا يسئلوا عن وقت قيامه بل يهيئوا الزاد لأجله ويشمروا الذيل لوقوعه تعبدا وانقيادا لذلك اخبر سبحانه عن إتيانه ووقوعه بالجملة الفعلية الماضوية تنبيها على تحقق وقوعه

[الآيات]

فقال قد أَتى أَمْرُ اللَّهِ وقام يومه الموعود الذي قد انكشفت فيه السدول ولاحت الأسرار وارتفعت فيه حجب التعينات وعموم الأستار واضمحلت دونه مطلق السوى والأغيار ونودي من وراء سرادقات العز والجلال بعد انقهار الكل لمن الملك اليوم وأجيب ايضا من ورائها لله الواحد القهار وبالجملة فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ولا تطلبوا وقوعه بالفور ايها المترددون الشاكون في امره ولا تشركوا به شيأ ولا تشاركوه في حكمه سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ له من الآلهة الباطلة ويدعون شفاعتها لهم عند الله لدى الحاجة بل هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي

يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ المقربين عنده بِالرُّوحِ اى بالوحي النازل الناشئ مِنْ أَمْرِهِ توفيقا وتأييدا عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ خلص عِبادِهِ الا وهم الأنبياء والمرسلون المأمورون عليهم أَنْ أَنْذِرُوا وخوفوا عباد الله المنحرفين عن استقامة صراطه وجادة توحيده من بطشه وانتقامه إياهم وقولوا لهم نيابة عن الله أَنَّهُ لا إِلهَ يعبد بالحق إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ عن مخالفة امرى وحكمى وكيف تشركون ايها المشركون ما لا يقدر على خلق احقر شيء من الأشياء

وأضعفها للقادر القاهر المقتدر الحكيم العليم الذي قد خَلَقَ وأوجد السَّماواتِ مع كمال عظمتها ورفعتها وَالْأَرْضَ بكمال بسطتها وبالجملة ما خلق عموم ما خلق واظهر جميع ما اظهر الا ملتبسا بِالْحَقِّ بانبساط نور وجوده الكائن الثابت في نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>