للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصالح في كل

لعل بَلْ نحن نَقْذِفُ بل اللائق المستحسن بنا المناسب بعلو شاننا ان نمحو ونبطل بِالْحَقِّ الذي هو شمس وجودنا ولمعات آثار فضلنا وجودنا ونسلطه عَلَى الْباطِلِ الذي هو الظل النابغ الآفل والعدم العاطل الزائغ الزائل الذي هو عبارة عن اظلال العالم وعن اغيار العكوس والسوى فَيَدْمَغُهُ اى يمحق الحق الباطل ويزهقه ويسقط عنه اسم الوجود المستعار ويلحقه الى ما هو عليه من العدم بلا عبرة واعتبار ليظهر عند المعتبر العارف ما ان هذه الحيوة الدنيا الا لهو ولعب وان الآخرة هي دار القرار فاعتبروا يا اولى الأبصار وكيف لا يمحقه ولا يلحقه بالعدم فَإِذا هُوَ اى الباطل في نفسه وفي حد ذاته زاهِقٌ هالك زائغ زائل ما شم رائحة من الوجود قط وَبالجملة اللائق لَكُمُ الْوَيْلُ والهلك وأنتم مستحقون له ايها الواصفون الجاهلون بقدر الله وبقدر حقيته مِمَّا تَصِفُونَ ذاته به من الأمور التي لا تليق بجنابه من ارتكاب العبث واسناد اللهو واللعب بذاته تعالى واشراك هذه الاظلال الهالكة والتماثيل الباطلة معه في الوجود تعالى عن ذلك علوا كبيرا

وَكيف تشركون ايها المشركون معه اظلاله وعبيده إذ لَهُ تعالى لا لغيره من العكوس والاظلال إيجادا وابداعا ملكا وتصرفا عموم مَنْ فِي السَّماواتِ اى عالم الأرواح المجردة عن الأبدان وَكذا عموم من في الْأَرْضِ من الأرواح المتعلقة بها وَكذا عموم مَنْ عِنْدَهُ سبحانه من الأرواح التي لا نزول لها ولا عروج كل من هؤلاء المذكورين متذللون عنده خاضعون خاشعون لديه سبحانه بحيث لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وأطاعته ساعة وَلا يَسْتَحْسِرُونَ اى لا يفترون ولا يضعفون عن إقامتها وإتيانها طرفة

بل هم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وينزهون الله في عموم الأوقات والحالات عما لا يليق بشأنه بحيث لا يَفْتُرُونَ ولا يظهرون الضعف والعناء بحال بل قد أقاموها وواظبوا عليها طائعين متذللين خاشعين خاضعين وكيف لا يعبدون الله ولا يسبحونه وهم موحدون مخلصون لا المشركون المعاندون الذين قد اتخذوا آلهة من السماء كعبدة الكواكب

أَمِ اتَّخَذُوا بل قد أخذوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هو افحش من ذلك كعبدة الأوثان والأصنام قد اتخذوها آلهة وعبدوا لها كعبادة الله وادعوا ضمنا ان آلهتهم التي قد نحتوها بأيديهم او صاغوها من حليهم هُمْ يُنْشِرُونَ اى يخرجون الموتى من قبورهم إذ هم قد سموها آلهة وعبدوها كعبادة الله والا له لا بد وان يقدر على عموم المقدورات والمرادات ومن جملتها البعث والنشر بل من أجلها فلا بد لهم ان ينشروا

فكيف يثبتون أولئك المشركون تعدد الآلهة مع انه لَوْ كانَ فِيهِما اى في السماء والأرض آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ اى غير الله الواحد القهار للاغيار مطلقا لَفَسَدَتا واختل نظامهما ولم تبقيا على الهيئات المخصوصة المشاهدة البتة إذ المفهوم من الا له هو المستقل بالتصرف في الآثار بالإرادة والاختيار فكل من الآلهة المتعددة لا بدان تكون متصفة بجميع أوصاف الألوهية بالاستقلال فلا يمكنهم الاتفاق على امر من الأمور فَسُبْحانَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل في الألوهية والربوبية بلا شريك له في الملك بل في الوجود والتحقق رَبِّ الْعَرْشِ اى عروش عموم المظاهر المستوي عليها بالاستيلاء التام إذ لا ظهور لها الا منه سبحانه عَمَّا يَصِفُونَ من اتخاذ الولد والشريك والصاحبة والنظير ولتوحده في الوجود واستقلاله في التصرف

لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ إذ لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وَهُمْ اى الشركاء الباطلة يُسْئَلُونَ عما صدر عنهم فكيف تليق بهم الألوهية والشركة معه سبحانه تعالى شأنه عما يصفه الواصفون

<<  <  ج: ص:  >  >>