للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخلافتكم وبعد ما قد فعل بكم سبحانه من انواع الكرم والإفضال وحسن الفعال ما فعل فَمَنْ كَفَرَ واعرض عن الايمان به سبحانه وبكتبه ورسله وبما جرى في لوح قضائه المحفوظ وحضرة علمه المحيط فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ اى يحمل عليه وبال كفره واعراضه وينتقم عنه سبحانه على مقتضاه بلا لحوق شين وعيب عليه سبحانه إذ هو في ذاته منزه عن ايمان عباده وكفرهم بل وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ وإصرارهم على الشرك واستنكافهم عن الايمان بالله وبالكتب والرسل عِنْدَ رَبِّهِمْ المطلع على سرائرهم وضمائرهم إِلَّا مَقْتاً غضبا وسخطا شديدا منه سبحانه إياهم وطرد الهم عن ساحة عز القبول وَبالجملة لا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ وشركهم في النشأة الاولى إِلَّا خَساراً نقصانا وحرمانا لهم في النشأة الاخرى عما أعد للمؤمنين من انواع الكرامات السنية والمقامات العلية لا خسران أعظم منه

قُلْ يا أكمل الرسل للمشركين تقريعا لهم وتبكيتا بعد ما قد سجلنا عليهم المقت والطرد وانواع الخسران والخذلان أَرَأَيْتُمْ وابصرتم ايها المجبولون على الغواية والعناد شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ وتدّعون آلهة مِنْ دُونِ اللَّهِ مشاركين له سبحانه في الألوهية والربوبية انهم متصفون بالخلق والإيجاد أحيانا أَرُونِي وأخبروني ايها المكابرون المعاندون ماذا خَلَقُوا واوجدوا مِنَ الْأَرْضِ يعنى أى شيء خلق أولئك الهلكى في الأرض بالاستقلال والاختيار حتى يتصفوا بالالوهية أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ يعنى أروني ايضا هل لهم مشاركة مع الله فِي السَّماواتِ اى في خلقها وإبداعها أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً يعنى هل أنزلنا عليهم في حقهم وشأنهم كتابا دالا على مشاركتهم معنا في الألوهية والربوبية فَهُمْ اى أولئك المدعون المكابرون مطلعون فائزون عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ اى حجج ودلائل واضحة من الكتاب دالة على شركة أولئك التماثيل العاطلة مع العليم القدير الحكيم الخبير وظاهر انه ما انزل إليهم كتاب كذلك بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ وليس الباعث لهم في ادعاء الشرك أمثال هذه المذكورات من الدلائل العقلية او النقلية بل لا باعث لهم سوى الوعد الكاذب الذي يعد به بَعْضُهُمْ بَعْضاً وبالجملة ما يعد الظالمون الخارجون عن مقتضى الحدود الإلهية بعضهم بعضا إِلَّا غُرُوراً تلبيسا وتغريرا من الشرفاء بالأراذل منهم والرؤساء بالضعفاء وتزويرا من اصحاب الثروة على ذوى الأحلام السخيفة منهم حفظا لجاههم ورئاستهم وبالجملة الله المطلع لجميع حالات عباده يعلم تغريرهم وتلبيسهم ويمهلهم ولا يعاجل بالانتقام عنهم لكمال حلمه وكيف لا

إِنَّ اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والكبرياء يُمْسِكُ ويضبط السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ويمنعهما من أَنْ تَزُولا بشرك المشركين وافترائهم على الله بإثبات الشركاء له سبحانه وبشؤم عصيانهم وفسوقهم فيما بينهم وَلَئِنْ زالَتا ولم يمسكهما سبحانه إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ يعنى ما أمسكهما عن الزوال احد من بعد الله سبحانه لكنه سبحانه قد أمسكهما ولم يعاجل بانتقام عصاة عباده إِنَّهُ سبحانه قد كانَ في ذاته حَلِيماً لا يعاجل بالانتقام عند ظهور الجرائم والآثام غَفُوراً لمن تاب عنها وأناب الى الله مخلصا ومن كمال حلم الله امهاله على المستوجبين بأنواع المقت والانتقام سيما بعد ما عهدوا مع الله ونقضوا عهودهم

وَذلك ان كفار قريش خذلهم الله قد أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ يعنى اجتهدوا في توكيدها وبالغوافى تغليظها قبل بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم حين سمعوا ان من اهل الكتاب قوما قد كذبوا رسلهم وأنكروا عليهم ولم يقبلوا من الرسل قولهم ودعوتهم مقسمين بالله لَئِنْ جاءَهُمْ يعنى قريشا

<<  <  ج: ص:  >  >>