للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ دُونِ ذلِكَ

اى فتح مكة فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر ليطمئن به قلوبكم الى ان يتيسر لكم الفتح الموعود الذي اخبر به نبيكم الصادق الصدوق وكيف لا يصدقه سبحانه مع انه

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ملتبسا بِالْهُدى والإرشاد الى سبيل توحيده وَدِينِ الْحَقِّ الفارق بين الباطل والضلال ووعد له لِيُظْهِرَهُ اى دينه عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اى جنس الأديان النازلة من عنده بان نسخ الجميع وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً اى كفى الله شهيدا على صدقه صلّى الله عليه وسلّم في رؤياه وكذا في دعوته ونبوته وفي ظهور انواع المعجزة بيده حيث قال سبحانه

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ حقا مرسل من عندنا صدقا مبعوث الى كافة البرايا من عبادنا ليهديهم الى توحيدنا الذاتي وَالَّذِينَ مَعَهُ من المؤمنين له المصدقين لدعوته المتعطشين بزلال مشربه أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ الساترين بغيوم هوياتهم الباطلة هوية الحق الظاهر في الآفاق والأنفس يدفعون مؤنة كثراتهم الوهمية بترويج الحق على الباطل وإعلاء كلمة التوحيد وتقديم الدين القويم وإظهاره على سائر الأديان رُحَماءُ فيما بَيْنَهُمْ متواضعون مع اهل الحق وارباب التوحيد لذلك تَراهُمْ في عموم أوقاتهم رُكَّعاً وسُجَّداً راكعين ساجدين متذللين خاضعين خاشعين بلا رعونة ولا رياء ولا سمعة ولا هواء بل ما يَبْتَغُونَ وما يطلبون بتذللهم هذا الا فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً من لدنه سبحانه وبالجملة سِيماهُمْ سمتهم وعلاماتهم الدالة على نجابة طينتهم وكرامة فطرتهم وذكاء فطنتهم لائحة ظاهرة فِي وُجُوهِهِمْ وجباههم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ وكثرة التذلل والخشوع نحو الحق ذلِكَ المذكور في اوصافهم مَثَلُهُمْ وصفتهم العجيبة المذكورة فِي التَّوْراةِ وَكذا مَثَلُهُمْ هكذا فِي الْإِنْجِيلِ وبالجملة مثل اصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم في نشوهم ونماهم في بدء ظهورهم وخروجهم أولا في غاية الضعف والنحافة واشتدادهم وغلظهم على الأعداء ووفور رأفتهم ورحمتهم على الأولياء ثانيا كَزَرْعٍ كمثل زرع وحبة مزروعة مبذورة وقع على الأرض ضعيفا وبرز منها نحيفا. ثم ظهر عليها ونبت قويا يوما فيوما الى حيث أَخْرَجَ شَطْأَهُ اى أفراخه وأغصانه دقيقا دقيقا فَآزَرَهُ قومه وقواه آنا فآنا بالمعاونة فَاسْتَغْلَظَ وعاد غليظا بعد ما رباه واحسن تربيته فَاسْتَوى واستقام بعد ذلك عَلى سُوقِهِ اى قصبه وساقه على وجه يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ عند رؤيتهم بكمال كثافته وغلظته ونضارته ولطافته وانما رباهم سبحانه وقواهم وأظهرهم على عموم من عاداهم على ابلغ وجه وأحسنه لِيَغِيظَ وليتحسر ويتحسد بِهِمُ الْكُفَّارَ المخالفون المخاصمون لهم من كمال تشددهم وترقيهم وبالجملة قد وَعَدَ اللَّهُ المطلع على ما في استعدادات عباده من الإخلاص والتفويض الَّذِينَ آمَنُوا بالله بكمال المحبة والتسليم وَمع ذلك قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقربة لهم الى الله مِنْهُمْ اى من جنسهم مَغْفِرَةً سترا ومحوا لأنانياتهم الباطلة وهوياتهم العاطلة في هوية الحق وَأَجْراً عَظِيماً هو الفوز بشرف اللقاء والوصول الى سدرة المنتهى وليس وراء الله مرمى رزقنا الله الوصول اليه والوقوف بين يديه

[خاتمة سورة الفتح]

عليك ايها المحمدي المتوجه نحو توحيد الذات مكنك الله في مقعد الصدق ووطنك في مقر التوحيد ان تعتدل أنت في عموم اوصافك واخلاقك وأعمالك مجتنبا عن كلا طرفي الإفراد والتفريط معرضا

<<  <  ج: ص:  >  >>