فصل: الاختيار أن يأتي بتشهد من الثلاثة، الأول بكماله، فلو حذف بعضه فهل يجزيه؟ فيه تفصيل.
فاعلم أن لفظ المباركات، والصلوات، والطيبات، والزاكيات، سُنةٌ ليس بشرط في التشهد، فلو حذفها كلها، واقتصر على قوله: التحيات لله السلام عليك أيها النبي ... إلى آخره، أجزأه. وهذا لا خلاف فيه عندنا.
وأما في الألفاظ من قوله: السلام عليك أيها النبي ... إلى آخره،
ــ
غيره وهذا أدل على مزيد الاعتناء به بمروي ابن عباس فقدمناه لا يقال في تشهد جابر إنه كان يعلمه لهم كما يعلمهم السورة لأنا نقول لا يرد علينا من وجه آخر هو أنه ليس في مرتبة حديث ابن عباس في الصحة ولا قريبًا منه فإنما رواه النسائي وابن ماجة والحاكم في المستدرك وذهب جماعة منهم ابن خزيمة إلى عدم الترجيح بين التشهدات.
فصل
قوله:(فاعلم أَن لفْظ المبَاركاتُ إلخ) قال في المجموع قال الشافعي والأصحاب يتعين لفظ التحيات لثبوتها في جميع الروايات بخلاف المباركات وما بعدها واعترض بأن الزائد في بعض الروايات يجب قبوله لأنه زيادة ثقة يوجه إليها الأمر في قوله التحيات إلخ، ويرد بأن محل ذلك في رواية لم يقم دليل على جواز إسقاطه وهنا قام دليل على ذلك وهو حذفه فوجب الجمع بأن ذكره لبيان الأكمل وحذفه لبيان الإجزاء بدونه، واعترض أيضًا بأن حذف غير المباركات لم يرد في شيء من التشهدات نعم في الدارقطني من حديث ابن عمر إسقاط الصلوات فالأولى التعليل بأن ما بعد التحيات من الكلمات الثلاث توابع لها كما علم مما تقدم والتابع لا يحسن إيجابه إذ المعنى لا يختل بحذفه مع أن الأصل براءة الذمة وبه ضعف النظر إلى ما في الأخذ بالأكثر من الخروج عن العهدة بيقين. قوله:(سَلام علينَا وعَلَى عبَادِ الله الصالحِينَ) قال المصنف في المجموع ومن أسقط
الصالحين أو علينا فقد وهم لأن الشرع لم يرد بالسلام على العباد بل خص به الصالحين فتعين ولأن المتكلم قد لا يدخل في الصالحين فلم يجز حذفه اهـ، واعترض ما ذكره في الصالحين بأن إضافة العباد إلى الله يغني عن ذلك لقوله تعالى: ({إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: ٤٢]، ويرد بأن الإضافة ليست نصًّا في ذلك لفظًا بل بمعونة قرينة المقام وهي ضعيفة تتخلف