للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا» «١»

ومثله في صحيفة عليّ المتقدمة. فهذا نوع من الإلحاق بمكة في الحرمة. وقد جاء فيها قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى قوله: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الحج: ٢٥] والإلحاد شامل لكل عدول عن الصواب إلى الظلم وارتكاب المنهيات على تنوعها. حسبما فسرته السنة. فالمدينة لاحقة في هذا المعنى.

والثامن: أن الله تعالى قال: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ ... الآية [البقرة: ٢٨٢] فحكم في الأموال بشهادة النساء، منضمة إلى شهادة رجل. وظهر به ضعف شهادتين. ونبّه على ذلك في

قوله: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» «٢»

، وفسر نقصان العقل بأن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. وحين ثبت ذلك بالقرآن وقال فيه: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى [البقرة: ٢٨٢] . دلّ على انحطاطهن عن درجة الرجل. فألحقت السنة، بذلك، اليمين مع الشاهد. فقضى عليه السلام بذلك. لأن لليمين في اقتطاع الحقوق واقتضائها حكما قضى به قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا.. [آل عمران: ٧٧] الآية فجرى الشاهد واليمين مجرى الشاهدين. أو الشاهد والمرأتين في القياس. إلا أنه يخفى. فبيّنته السنة.

والتاسع: أن الله تعالى ذكر البيع في الرقاب وأحله. وذكر الإجارة في بعض الأشياء. كالجعل المشار إليه في قوله تعالى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ [يوسف: ٧٢] . والإجارة على القيام بمال اليتيم في قوله: وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: ٦] . وفي العمال على الصدقة، كقوله تعالى: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها [التوبة: ٦٠] . وفي بعض منافع لا تأتي على سائرها. فأطلقت السنة فيها القول بالنسبة إلى سائر منافع الرقاب من الناس والدواب والدور والأرضين. فبين النبي صلّى الله عليه وسلّم من ذلك كثيرا. ووكل سائرها إلى أنظار المجتهدين. وهذا هو المجال القياسيّ في الشرع. ولا علينا: أقصد النبيّ عليه السلام القياس على الخصوص أم لا؟


(١) أخرجه البخاري في الاعتصام، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلوّ في الدين والبدع.
(٢) أخرجه البخاري في الحيض، باب ترك الحائض الصوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>