نحضره. قلتُ: وأنتم أيضًا؟ قالوا: إنَّ ازْدحامنا بمجلسه أشد من ازدحام الإِنس، وإنَّ منا طوائف كثيرة أسلمت، وتابت على يده.
وقال محمَّد بن الخضر الحسيني: سمعتُ أبي يقول: كان سيِّدنا الشيخ عبد القادر ﵁ يتكلَّم في مجلسه بأنواعِ العلوم ولا يبيِّتُ ما يقول، وكان إذا صَعِدَ الكرسي لا يتصدق أحد، ولا يَمْخُط ولا يتنحنح ولا يتكلَّم. ولا يقوم هيبة له إلى وسط المجلس، فيقول: مضى القال وعظنا بالحال، فيضطرب النَّاس اضطرابًا شديدًا، ويتداخلهم الحال والوَجْد، وكان يُعَدُّ من كراماته أن أقصى من [في](١) مجلسه يسمع صوتَه كما يسمعه أدناهم منه على كَثْرتهم، وكان يتكلَّم على خواطر أهلِ المجلس، ويواجههم بالكَشْف، وكان إذا قام فوق الكرسي، يقوم النَّاس لجلالته، وإذا قال لهم اسكتوا سكتوا، حتى لم يُسْمَعْ منهم سوى أنفاسهم هيبةً له، وكان النَّاس يضعون أيديهم في مجلسه، فيقع على رجال بينهم يدركونهم باللَّمس ولا يرونهم، ويسمعون وقت كلامه في الفضاء حِسًّا وصياحًا، وربما سمعوا وَجْبَة ساقط من الجوِّ إلى أرض المجلس، وذلك رجال الغيب وغيرهم.
وقال الشيخ أبو سَعْد القيلويي رحمة الله عليه: رأيتُ رسول الله ﷺ وغيره من الأَنبياء - صلوات الله عليهم - في مجلس الشيخ عبد القادر، وإنَّ السيد ليشرف عنده، وإنَّ أرواح الأنبياء ﵈ لتتجول في السَّموات والأرض جَوَلان الرِّياح في الآفاق، ورأيتُ الملائكة يحضرونه طوائف بعد طوائف، ورأيتُ رجال الغيب يتسابقون إلى مجلسه، ورأيتُ أبا العَبَّاس الخضر ﵇ يُكْثِرُ من حضوره، فسألته فقال: مَنْ أراد الفلاح فعليه بملازمة هذا المجلس.
وقال الشيخ محمَّد بن أبي الفَتْح الهَرَوي: حضرتُ يومًا مجلس سيدنا الشيخ عبد القادر رحمة الله عليه، فتكلَّم حتى استغرقَ في كلامه، وقال: لو أراد الله تعالى أن يبعث طيرًا أخضر يسمع كلامي لفعل. فلم يتمَّ كلامه حتى جاء طائرٌ أخضر حسنُ الصُّورة، ودخل في كُمِّه وما خرج.