للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في قوله : "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين" (١): إنما طالت أعمار القدماء لطول البادية، فلما شارف الركب بلد الإقامة قيل: حثوا المطي.

وقال: من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه.

وقال: البخل فراش العار، والحرص فراش النار، والكرم فراش الدار] (٢).

وقال: لا تعجبوا من قوس حاجب في وفاء قوس حاجب.

وقال: الطاعة تبسط اللسان، والمعاصي تذل الإنسان.

[وقال في حق واعظٍ جاهل: احذروا جاهل الأطباء فربما سمى اسمًا ولا يعرف المسمى.

وقال في الاستهانة بالعدو: ذباب السيف لا يجوز على ذباب الصيف.

وقام إليه رجل نجار، فسأله سؤالًا بَرَّدَ به المجلس، فقال: يا نجار، أخذت بالأنفاس، هذا وقت الرندج (٣) لا وقت الفاس.

وقال يومًا في معنى قوله : "غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة": هذا تنبيه لشرف القادم.

وجواب آخر، كأنه يقول: قد أقبلت في الموقف، وأنتم في كرب شديد، فتعلقوا بذيل كرمها، لعلها أن تشفع لكم كما شفع أبوها.

قلت: تعلقوا بذيل كرمها لا يطابق قوله: غضوا أبصاركم، كيف يتعلقون بذيلها! وإنما معناه إذا رأتهم قد تأدبوا معها بغض الأبصار حملتها أريحية النبوة على أنها تقف وتشفع فيهم في مقابلة تأدبهم معها. وهذا الكلام إنما يصح لو صح الحديث، وقد ذكره جدي في "الأحاديث الواهية" (٤)، وصححه غيره] (٢).

ووعظ الخليفة يومًا، فقال: يا أمير المؤمنين، إن تكلمتُ خفتُ منك، وإنْ سكتُّ خفتُ عليك، فأنا أقدّم خوفي عليك على خوفي منك لمحبتي لدوام أيامك، إن قول


(١) أخرجه الترمذي (٣٥٥٠)، وابن ماجه (٤٢٣٦)، وابن حبان (٢٩٨٠)، والحاكم ٢/ ٤٢٧ من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) الرندج: كلمة فارسية معربة، وهي آلة لسحج الخشب وتسويته وتنعيمه. "تكملة المعاجم العربية": ٥/ ٢٢٤.
(٤) هو في "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية": (٢٦٧١).