للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القائل: اتَّقِ الله خير من قول القائل: إنكم أهل بيت مغفور لكم، وقد قال الحسن البصري: لئن تصحب أقوامًا يخوفونك حتَّى تبلغ المأمن خير من أن تصحب أقوامًا يؤمنونك حتَّى تبلغ المخاوف، وكان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغني عن عامل ظالم أنَّه قد ظلم الرعية ولم أغيره فأنا الظالم، يا أمير المؤمنين، كان يوسف لا يشبع في زمان القحط لئلا ينسى الجياع، وكان عمر يضرب بطنه عام الرَّمادة، ويقول: قَرْقِرْ إن شئت أو لا تقرقر، فوالله لا شبعت والمسلمون جياع.

فتصدق الخليفة -وكان المستضيء- بصدقات كثيرة، وأشبع الجياع، وأطلق الحبوس.

[وقال: أهل البدع يقولون: ما في السماء أحد، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي. تكتب ثلاث عورات لكم.

وقال: مذهب الشافعي في تعظيم القرآن آكد من مذهب أحمد، لأن عند أحمد يجوز للمُحْدِث أن يَمَسَّه، وعند الشافعي: لو كان المصحف على جمل لم يجز للمحدث أن يقوده.

وقرأ بين يديه قارئ ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ [الزمر: ٢٠] فقال: العِدَةُ دين، فالطالب أين؟

وسئل عن قوله : "أنا سيد ولد آدم" (١): وقوله: "لا تفضلوني على يونس ابن متى" (٢) فقال: هذا خال جمال على خد كمال.

قلت: وقد سئلت في مجالسي عن هذا، فأجبت: لأن يونس كان أضعف الأنبياء حالًا، لأنه ذهب مغاضبًا لقومه، فخاف من عتبه ولومه.

ولما قال نبينا: "أنا سيد ولد آدم". قيل: قد بلغت أعلى المراتب، وإن كان العهد قد تقادم، فتواضع وإن كنتَ سيد العالم، واجبرْ قلبَ ذلك الضعيف المنكسر -الَّذي لولا لطف الله به لصيَّفَ في بطن الحوت وشتَّى- بقولك: "لا تفضلوني على يونس بن متى".


(١) أخرجه مسلم (٢٢٧٨) من حديث ابن هريرة مرفوعًا.
(٢) بنحوه أخرجه البخاري (٣٤١٣)، ومسلم (١٩٤) من حديث ابن عباس مرفوعًا.