للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على رسول الله يعتذرُ إليه، فقال له: "مَهْ يا عمُّ، فإنِّي سألتُ الله فَعفَا عَنكَ".

وذكر الأبيات الثعلبي (١) وغيره: [من الوافر]

ألا يا حمزُ للشُّرُفِ النِّواءِ … وهُنَّ معقَّلات بالفِناءَ

ضَعِ السِّكين في اللَّباتِ منها … فَضَرِّجْهُنَّ، حمزةُ بالدِّماءِ

وعجِّل من أطايبها طبيخًا … لشَرْبك من قَديرٍ أو شِواءِ

فأنتَ أبو عُمارَةٍ المُرَجَّى … لكشفِ الضرِّ عنا والبلاءِ

والثاني: أن عبد الرحمن بنَ عوفٍ صنع دعوةً ودعا إليها جماعةً من الصحابةِ وسقاهم الخمرَ فسكروا، وحضر وقتُ الصلاةِ فقدَّموا بعضهم يصلِّي فقرأ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ١ - ٢] إلى آخر السورة بحذف "لا" فأنزل الله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ (٢) [النساء: ٤٣].

فَحُرِّم السُّكرُ في أوقاتِ الصلاةِ. فقال عمر: إن ربّنا ليقاربُ في تحريم الخمر وما أراه إلا سيحرِّمها، فتركها قوم وشربها آخرون في غير وقت الصلاة. فأقاموا على هذا الحال إلى سنةِ ثلاثٍ من الهجرةِ، فشربها رجل فسكر وجعل ينوح على قتلى بدرٍ ويبكي وينشد: [من الوافر]

تُحيِّي بالسلامةِ أُمُّ بكرٍ … وهل لي بعد رهطك من سلام

الأبيات المتقدمة.

وبلغ رسولَ الله فجاء يسعى يجرُّ رداءه، حتى انتهى إلى الرجل، ورفع شيئًا كان بيده ليضربه، فقال الرجل: أعوذ بالله من سُخْط الله وسُخْط رسوله، والله لا أطعمُها أَبدًا، ونزل تحريمُها.

والثالث: أن عِتْبان بن مالك الأنصاري صنع دعوةً، ودعا رجالًا من المهاجرين والأنصار فيهم سعد بن أبي وقاص ، وكان قد شوى لهم رأسَ جَزور، فأكلوا منه،


(١) في تفسيره ٢/ ١٤٣ مع القصة.
(٢) أخرجه الترمذي (٣٠٢٦) وأبو داود (٣٦٧١) من حديث علي بن أبي طالب وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.