للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عباس: فلو كتم رسول الله شيئًا لكتم هذه الآية: ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: ٣٧] (١). قال ابن مسعود: ما نزل على رسول الله آيةٌ أشدُّ عليه منها. ولما تزوجها رسول الله قال المنافقون: أيتزوجُ الرجلُ زوجةَ ابنه؟ فأنزل الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (٢) [الأحزاب: ٤٠]، وما كانوا يدعون زيد بن حارثة مولى رسول الله ، إنما كانوا يدعونه زيد بن محمَّد، حتى نزل قوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ (٣) [الأحزاب: ٥].

قالت عائشة: فأخذني ما قَرُبَ وما بَعُد لِما أَعْلَمُ مِن جمالها، وأخرى وهي أعظم الأمور، وهي: أن الله زَوَّجها، فكانت تَفْخَر علينا بذلك، وخرجت سَلْمى خادم رسول الله فبشرتها بذلك فأعطتها أوضاحًا كانت عليها (٤).

وقال أنس: لما انقضت عِدَّةُ زينب بنت جحش قال رسول الله لزيد بن حارثة: "اذهَبْ فَاذكُرني لها". قال زيد: فلمّا قال لي ذلك عَظُمت في عيني أو في نفسي، فذهبت إليها فجعلت ظهري إلى الباب وقلت: يا زينب، إن رسول الله يذكُرُكِ، وقد بعث بي إليك. فقالت: ما كُنْتُ لأُحدِثَ شيئًا حتى أُؤامر ربي. فقامت إلى مسجدها، وأنزل الله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: ٣٧]، فجاء رسول الله فدخل عليها بغير إذن. انفرد بإخراجه مسلم (٥).

ومن حديث أنس قال: وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حتى أنزل الله، وكان أول ما نزل في مُبْتنى رسول الله بزينب بنت جحش، أصبح رسول الله بها عروسًا، فدعا القوم فأصابوا من الطعام، ثم خرجوا وبقي رَهْطٌ منهم عند النبي فأطالوا المُكْثَ، فقام وخرج وخرجتُ معه لكي يخرجوا، فمشى ومشيتُ معه حتى جاء


(١) لم نقف عليه من حديث ابن عباس، وأخرجه البخاري (٤٦١٢)، ومسلم (١٧٧) من حديث عائشة .
(٢) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٤١.
(٣) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٤١.
(٤) "الطبقات الكبرى" ١٠/ ٩٩.
(٥) صحيح مسلم (١٤٢٨) (٨٩).