للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَرَّةِ حتى ماتوا. أخرجاه في "الصحيحين (١) ".

قال الواقدي: وكانت اللِّقاح خَمْس عشرة غِزارًا، فردّها إلى المدينة، وفقدوا منها واحدة نحروها، ويقال لها: الحناء، والذي خرج في آثارهم يسار مولى رسول الله في ثلاثة نفر، وقيل: هم الرعاة، فعطفوا عليهم فقطعوا يد يسار ورجله، وغَرسوا في لسانه وعينيه شوكًا حتى مات، فبعث رسول الله كُرْز بن جابر الفهري في خمسين فارسًا، فجاء بهم إلى المدينة، ففعل بهم ما ذكر أنس، وهذا كُرز هو الذي أغار على سَرْح المدينة، وخرج رسول الله خلفه فلم يدركه، ثم منَّ الله عليه بالإسلام، وقتل يوم الفتح، لما يذكر إن شاء الله تعالى.

* * *

وفيها: كانت غزاة الحُدَيْبية (٢)، وهي شجرة حَدْباء على تسعة أميال من مكة، وقيل: هي اسم بئر.

قال ابن إسحاق وغيره: خرج رسول الله من المدينة معتمرًا في ذي القعدة لا يريد حربًا، واستنفر مَنْ حوله من الأعراب الذين يسكنون قريبًا من المدينة ليسيروا معه مخافة أن تَصُدَّهُ قريش عن البيت، فأبطأ عليه كثير منهم، فخرج في المهاجرين والأنصار، ولحقه بعض القبائل فصلى ركعتين، وركب راحِلَته القصواءَ بعد ما أحرمَ بعُمْرةٍ ليأمن الناس منه، وساق الهَدْيَ ليعلمَ الناسُ أنه جاء معظَّمًا للبيت، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وخرج يوم الإثنين لهلال ذي القعدة، ولم يأخذ معه من السلاح إلا السيوف في القُرُبِ، وأشْعَرَ بُدْنَهُ في شقها الأيمن، وساق الصحابة بُدْنَهم وأشعروها، وكان في البُدْنِ جَمَلُ أبي جهل الذي غنمه يوم بدر، وكان في رأسه بُرَةٌ من فضة ليغيظ به الكفار.

وفي "المسند": عن ابن عباس قال: أهدى رسول الله مئة بَدَنَةٍ فيها جملُ أبي


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢٠٤٢)، والبخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١).
(٢) انظر "السيرة" ٢/ ٣٠٨، و"المغازي" ٢/ ٥٧١، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ٩١، و"أنساب الأشراف" ١/ ٤١٧، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٦٢٠، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٤/ ٩٠، و"المنتظم" ٣/ ٢٦٧، و"البداية والنهاية" ٤/ ١٦٤.