للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنقله فأظلمت الدنيا وزُلزلت وجاءت الصواعقُ من كل مكان، فتركه وبقي على تلك الحال مدة أيام بني مروان، فلما ولي السفاح ردَّهُ إلى ما كان عليه في عهد رسول الله وبقيت آثاره.

* * *

وفيها: كانت غزاةُ الفتحِ في رمضان (١)، أقام رسول الله بالمدينة بعد مؤتة جمادى الآخرة ورجب وشعبان.

قال الواقدي: كانت خزاعة في الجاهلية قد أصابوا رجلًا من بكر وأخذوا ماله، فمر رجل من خزاعة على بني الدِّيل بعد ذلك فقتلوه، ووقعت الحرب بينهم (٢).

قال ابن إسحاق: كان الذي أهاج الحرب بين خزاعةَ وبكرٍ، أن رجلًا من بني الحضرمي يقال له: مالك بن عَبَّاد خرج (٣) تاجرًا، فلما توسَّط أرض خُزاعةَ عَدَوْا عليه فقَتَلُوه، وأخذوا ماله، فعدت بنو بكر على رجلٍ من خزاعة فقتلوه، واستمرتِ الحربُ، فمرَّ بنو الأسود بن رِزْن - وهم ذُؤَيب وكُلْثوم وسَلْمى - فقتلوهم عند أنْصاب الحرم بعرفة، وكان بنو الأسود يُدَوْن في الجاهلية بدِيَتَيْن لفَضْلِهم في بني بكر. فبينا بنو بكرٍ وخزاعة على ذلك جاء الإسلام فحجز بينهم، فلما كان صلحُ الحديبيةِ دخلت خزاعةُ في عهد رسول الله ، وبكرٌ في قريش، على ما تقدم.

قال الواقدي: وكانت خزاعة حُلَفاءَ لعبد المطلب، فجاءت رسولَ الله يوم الحديبية بكتاب الصلح فقرأه أبيّ بن كعب عليه وفيه:

باسمك اللَّهم، هذا حلف عبد المطّلب بن هاشم لخزاعة، إذْ قَدِمَ عليه سَرَواتُهم وأهل الرأي منهم، غائبُهم مُقِرٌّ بما قضى عليه شاهدهم، إن بيننا وبينهم عهودَ الله وعقودَه، ما لا يُنسى أبدًا، ما أشرفَ ثَبير وثبت حِراء، وما بَلَّ بحرٌ صُوفة، لا يزداد


(١) "السيرة" ٢/ ٣٨٩، و"المغازي" ٢/ ٧٨٠، و"الطبقات الكبرى" ٢/ ١٢٤، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٤٢، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٥/ ٣، و"المنتظم" ٣/ ٣٢٤، و"البداية والنهاية" ٤/ ٢٧٨.
(٢) "المغازي" ٢/ ٧٨١.
(٣) في "النسخ" مالك بن عباد بن خلف، وما أثبتناه من "السيرة" ٢/ ٣٨٩، و"تاريخ الطبري" ٣/ ٤٣.