للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفوا في معناه على قولين:

أحدهما: أن معنى السفر الظاهر سفر الدنيا ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [يونس: ٢٢] وفيه مشاهدة آثار الأنبياء والعلماء، والربح في التجارة وعجائب الدنيا، والإسفار عن أخلاق الرجال بين كريم يسخو ولئيم يشح.

والثاني: أن المرادَ به السفر الباطن، وقد أشارت إليه رابعة قالت: سافروا بقلوبكم إلى عالم الملكوت لترجعوا بأخبار الغيب والشهادة، وعلى هذا الصوم، فإنه من حيث الظاهر يصحح البدن، وفي الباطن صوموا بقلوبكم عن الدنيا تصحوا عما سوى الآخرة.

قوله : "زُرْ غِبًّا تَزدَدْ حُبًّا".

أخرجه جدي في "الواهية" عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله من بيت عائشة، فتبعتُه فالْتَفت إليَّ وقال: "يا أَبا هُريرةَ، زُرْ غِبًّا تَزدَدْ حبًّا" (١).

قال أبو القاسم الوراق في شرح "الشهاب": لما قال رسول الله لأبي هريرة ذلك، قالت عائشة: يا أبا هريرة، أكثرت من زَوْرِك فمَلَّك، ودمت في ذاك فاستقلك، لو كنت ممن يزور غبًا أثر في قلبه محلك، فقال رسول الله : "يا عائشةُ، والله ما مَللناهُ ولا قللناهُ، ولكن أَدّبناه".

قوله : "اطلبُوا الخيرَ عندَ حِسانِ الوُجوهِ" (٢).

قوله : "تخيَّروا لنُطَفِكُم" (٣) قيل: إنه موقوف على علي ، وفيه: "فإنَّ العِرقَ دسَّاس" (٤).


(١) "العلل المتناهية" (١٢٣٧)، وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب (٦٢٩).
(٢) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (٤٧٥٩) من حديث عائشة .
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٩٦٨).
(٤) لم نقف عليه من حديث علي، وأخرج ابن عدي في "الكامل" ٦/ ١٧٨، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٦٣٨)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١٠٠٧) من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله يوصي رجلًا: "يا فلان، أقِلَّ من الذين تعش حرًّا، وأقِلَّ من الذنوب يهن عليك الموت، وانظر في أي نصاب تضع ولدك فإن العرق دساس".