للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام وسيف وغيرهما: لما جيء يهؤلاء إلى المسجد ليُبايعوا بدؤوا بطلحة والزبير، فقيل لهما: بايعا، فقالا: نحن أول مَن بايع طوعًا.

وقال الطبري عن الزُّهريّ: تَلَكَّأا، فسَلَّ الأشترُ سيفَه وقال: بايعا وإلا ضربتُ عُنقكما، فقال طلحة: وأين المذهب عنه؟! فقال لهما علي: إذ أحببتُما بايعتُكما، قالا: لا بل أنت أولى، فبايعاه، ثم طلبا منه أن يكونا على بيت المال فامتنع علي، فقالا: ما لنا في هذا الأمر إلَّا كلَحْسَةِ الكنبِ أنفَه، وكانا لما قُتل عثمان أخذا مفتاح بيت المال، فلما لم يولّهما علي إياه قالا: بايعناه خشيةً على أنفُسِنا (١).

وقيل إن طلحة قال لعلي: أمِّرني على البصرة، وقال الزُّبير: أمِّرني على الكوفة، فقال: لا بل أَقيما عندي أتحمَّل بكما.

قال هشام -وقد حكاه الطبري- وجيء بسعد بن أبي وقاص فقالوا له: بايع، فقال: إذا بايع كافّة النَّاس بايعتُ، وفي رواية الطبري: فقال علي لسعد: بايع، فقال: لا حتَّى يبايع النَّاس فما عليك مني بَأسٌ، فقال الأشتر لعلي: دَعْني أضرب عُنُقَه، فقال له علي: دَعْه فأنا حَميلُه أي: كفيلُه، وقال علي لسعد: إنك ما علمت سيِّء الخُلُق صغيرًا وكبيرًا (٢).

وجيءَ بعبد الله بن عمر، فقيل له: بايع فامتنع، فلبَّبه الأشتر وأراد قتلَه، فمنعه علي.

قال الزُّهريّ: والعجب لابن عمر: تَمنّع من بيعة علي ويُبايع ليزيد بن معاوية ولعبد الملك بن مروان.

قال: وجيءَ بأسامة بن زيد، فقيل له: بايع فاعتذر بقتل الرجل الذي قتله في السّرية وقال: لا أقاتُل من قال لا إله إلَّا الله على الدُّنيا، وإن ممَّا عَهد إليّ رسول الله أن أُجاهدَ معكم الكفار، أما إذا قاتل بعضكم بعضًا كسرتُ سيفي، واتخذتُ سيفًا من خَشَب.

وقيل لزيد بن ثابت: بايع، فقال: قد كان بيننا مَودَّة، ولكن لا مُواساةَ في النَّار،


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٤٢٩.
(٢) في تاريخ الطبري ٤/ ٤٢٨ أن عليًّا قال ذلك لابن عمر.