للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن سعد (١) أن رجلًا دخل على الحسنِ وهو مريضٌ، فقال له: سَلْني فقال: ما أنا بسائلك شيئًا. ثم قام فدخل كنيفًا له وخرج وقال: أي فلان، سَلْني قَبْلَ أن لا تسألني؛ فواللهِ لقد لفظتُ طائفةً من كَبِدي قلبتُها بعود، وإني قد سُقيتُ السُّمَّ مِرارًا، فلم أُسْقَ مثل هذا قَطُّ. وجاء الحسينُ أخوه فقال: يا أخي، من سقاك؟ وذكر بمعنى ما تقدَّم وقال: إن يكن صاحبي الذي أظنُّ فالله أشدُّ نِقْمَةً، وإلا فوالله لا يُقتل بي بريءٌ.

وروى ابن سعد (٢) أن جَعْدةَ بنت الأشعث بن قيس سَقَتْهُ السُّمَّ؛ فقال: حدَّثنا يحيى بن حمَّادٍ بإِسناده عن أُمِّ موسى أن جَعْدةَ بنت الأشعث بن قيس سقته السُّمَّ، فاشتكى منه شَكاةً، فكان يُوضع تحته طَسْتٌ وتُرفَع أُخرى نحوًا من أربعين يومًا.

وقال أبو اليقظان والهيثم بن عديّ: بعث معاوية بن أبي سفيان إلى جَعْدَة بنت الأشعث بن قيس: سُمِّي الحسنَ، ولكِ مئةُ ألف درهم وأُزوّجُك يزيد، فسَمَّتْهُ (٣)، فلما مات الحسنُ بعثت إليه تستنجز وَعْدَه، فبعث إليها بالمالِ وقال: أما يزيدُ فإني أُحبُّ حياتَه.

وقال الهيثم: ولَمّا أَحسَّ الحسنُ بالسُّمِّ قال: لقد عَمِلَتْ شَرْبَتُه وتمَّت أُمنيتُه، واللهِ لا يفي بما وعد، ولا يصدقُ فيما يقول.

وقال يعقوب بن سفيان: دسَّ يزيد بن معاوية إلى جَعْدَة بنت الأشعث مالًا وقال لها: سُمِّي الحسنَ وأَتزوّجُك.

وقد ذكره جدي في "المنتظم" فقال: حدَّثنا محمد بن عبد الملك بن خيرون بإسناده عن محمد بن سلّام الجُمَحي عن ابن جَعْدة قال: كانت جعدةُ بنت الأشعث بن قيس عند الحسنِ بن علي، فدسَّ إليها يزيدُ بن معاوية: أن سُمِّي الحسنَ وأتزوّجُك، فلما فعلت أرسلت إلى يزيد تطلبُ منه الوفاءَ بعهده، فقال: واللهِ ما كُنَّا نرضاك للحسن، فكيف نرضاكِ لأَنفسِنا (٤)!


(١) المصدر السابق ٦/ ٣٨٦ - ٣٨٧.
(٢) الطبقات ٦/ ٣٨٧.
(٣) بنحوه في "أَنساب الأشراف" ٢/ ٣٩٥.
(٤) المنتظم ٥/ ٢٢٦. وردّ ابن كثير في "البداية والنهاية" ١١/ ٢٠٩ الخبر عن يزيد، وقال: وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى.