للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سفيان بن عُيَيْنَةَ عن رَقَبة بن مِصْقَلة قال: [لما احتُضر الحسن بن علي قال:] أخرِجوا فراشي إلى صحنِ الدارِ، قال: [فأخرجوه] فرفع رأسَه إلى السماءِ ثم قال: اللهم إني احتسبتُ نفسي عندك، فإنَّها أَعزُّ الأَنْفُسِ عليَّ (١).

وفي روايةِ الواقديِّ أنَّه قال: اللهم إنَّها نفسي أَعزُّ النفوسِ عليَّ، وإني لم أُصَبْ بمِثْلها، اللهم فارحم صَرْعَتي، وآنِس في القبرِ وَحْدَتي، وارحم غُربتي.

وقال الواقديّ: أوصى أن يُدفَنَ عند رسولِ الله ، فمُنِع من ذلك.

ذِكْرُ ما جرَى من مَنْعِهِ:

قال ابن سعدٍ بإسناده عن أبي حازم قال (٢): لَمّا احتُضِر الحسنُ قال للحُسين: ادفنوني عند أبي -يعني رسولَ الله إلّا أن تخافوا الدماء فلا تُهريقوا فيّ دمًا، ادفنوني في مقابرِ المسلمين. فلما قُبِض تسلَّح الحسين وجمع مواليَه، فقال [أبو هريرة]: أنشُدُك اللهَ ووصيَّةَ أخيك، فإن القومَ لن يَدَعوك حتى تكون بينكم دِماء. قال: فلم يزل به حتى رجع، ثم دفنوه في بقيع الغَرْقَد، فقال أبو هريرة: أَرأَيتُم لو جيء بابنِ موسى ليُدفَنَ مع أبيه فمُنِع، أكانوا قد ظلموه؟ فقالوا: نعم، قال: فهذا ابنُ نبِيِّ الله قد جيء به ليُدفَنَ مع أبيه.

وقال ابن سعد بإسناده عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال (٣): لَمّا مَرِضَ الحسنُ بنُ عليّ مرض أربعين ليلةً، فلما استُعِزَّ به (٤) وقد حضر بنو هاشم وكانوا لا يُفارقونه؛ يبيتون عنده بالليل، وعلى المدينةِ سعيد بنُ العاص، فكان سعيد يعودُه، فمرَّةً يؤذنُ له، ومرَّةً يُحجَبُ عنه، وبعث مروان إلى معاوية يُخبره بثقل الحسن، وكان قد سُقي، فأوصى أن يدفنَ مع رسولِ الله ، فإن حِيلَ بينه وبين ذلك يُدفن عند أُمِّه.


(١) مختصر تاريخ دمشق ٧/ ٤٠. وما سلف بين حاصرتين من (م).
(٢) الطبقات ٦/ ٣٨٧ - ٣٨٨.
(٣) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٨٨.
(٤) أي: اشتدَّ عليه مرضُه.