للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محاصروه منذ سبعة أشهر وهو في غير خندق ولا حصن [ولا مانع] وهو ينتصفُ منَّا، لا، بل يفضُلُ علينا كلَّما التقينا نحن وإيَّاه.

وبلَغَ عبدَ الملك، فصوَّب كلام طارق (١).

وبعث الحجَّاج برأس ابن الزبير ورأس عبد الله بن صفوان ورأس عُمارة [بن عَمرو] ابن حزم إلى المدينة، فنُصبت بها، ثم ذُهب بها إلى عبد الملك (٢).

وحمل رأسَ ابنِ الزُّبير رجلٌ من مُراد (٣)، أعطاه عبد الملك خمس مئة دينار.

[وقال الواقدي:] وخرجت أسماء ومعها أكفان قد أجْمَرَتْها (٤)، فحال الحجَّاجُ بينها وبين جسده؛ لأنه كان قد صَلَبَه، فقالت: قاتلَ اللهُ عبد ثَقِيف المُبِير، يحولُ بيني وبين جسد ولدي، ويمنعُني أَنْ أُواريَه (٥).

وبلغَ الحجاجَ، فجاءَها فقال: كيف رأيتِ؟ نَصرَ اللهُ الحقَّ وأظهرَه. فقالت: ربَّما أُديلَ الباطلُ على الحقِّ، فقال: إن ابنَكِ أَلحدَ في الحرم، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] وقد أذاقه اللهُ ذلك. فقالت: كذبتَ، كان أوَّلَ مولود في الإسلام بالمدينة، وسُرَّ به رسولُ الله Object، وحنَّكه بيده، وكبَّر المسلمون لما وُلد حتَّى ارتجَّت المدينة فَرَحًا به، وكبَّرتَ أنتَ وأصحابُك لمَّا قُتل، فالذي فَرِحَ به يومَ وُلد خيرٌ منك ومن أصحابك. وكانَ -واللهِ- صَوَّامًا قَوَّامًا قارئًا لكتابِ الله تعالى، مُعَظِّمًا لحُرُمات الله، وأشهدُ لقد سمعتُ رسولَ الله Object يقول: "يخرج من ثَقِيف كذَّابان، الأخير منهما شرٌّ من الأوَّل، وهو مُبِير"، وهو أنت. فانكسرَ الحجَّاج وانصرف.

وبلغ عبد الملك، فكتب إليه: ما لَكَ ولابنِة الشيخ الصالح (٦).


(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٥١٨، و"تاريخ" الطبري ٦/ ١٩٢. وما سلف بين حاصرتين من (م).
(٢) تاريخ الطبري ٦/ ١٩٢.
(٣) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): الأزد. والمثبت من (م)، وهو الموافق لما في "طبقات" ابن سعد ٦/ ٥١٠.
(٤) أي: بَخَّرَتْها بالطِّيب.
(٥) أنساب الأشراف ٦/ ٢٣٤، و"تاريخ دمشق" ص ٤٧١.
(٦) تاريخ دمشق ص ٤٧٢.