للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال ابنُ سعد بإسناده عن محمد بن القاسم الثقفي: إن أسماء أتت الحجَّاج بعد ما ذهبَ بصرُها ومعها جواريها، فقالت: أين الحجَّاج؛ فقالوا: ليس هو هنا. قالت: فإذا جاء فقولوا له يأمر بهذء العظام أن تنزل، وأخبروه أني سمعتُ رسول الله يقول: "في ثقيف رجلان؛ كذَّاب ومُبير".

وقال ابن سعد بإسناده عن أبي الصِّدِّيق النَّاجي: إن الحجَّاج دخل على أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق ، فقال لها: إن ابنَكِ ألحدَ في الحَرَم -أو: في هذا البيت- وإن الله أذاقه من عذاب أليم. فقالت: كذبتَ، إنَّه كان بارًّا بوالديه، صوَّامًا قوَّامًا، ولكن -واللهِ- لقد أخبرنا رسول الله أنَّه سيخرجُ من ثَقِيف كذَّابان، الآخِرُ منهما شرٌّ من الأوَّل، وهو مُبير] (١).

وقال أبو نَوْفَل (٢): رأيتُ عبدَ الله بن الزبير على عَقَبَةِ المدينة (٣)، فجعلَتْ قُريشٌ تمرُّ عليه والناسُ، حتَّى مر عليه عبدُ الله بنُ عُمر، فوقفَ عليه وقال: السلامُ عليك أبا خُبيب، أمَّا واللهِ لقد كُنْتُ أنهاك عن هذا. قالها ثلاثًا. أما واللهِ إنْ كنتَ فيما علمتُ صوَّامًا قوَّامًا، وَصُولًا للرَّحِم، أمَّا واللهِ لأمَّةٌ أنتَ شَرُّها لأُمَّةُ سُوء (٤).

ثم نَفَذَ عبدُ الله، وبلغ الحجَّاجَ موقفُ عبد الله وقولُه، فأرسلَ إليه، فأنزل عن جِذعه وأُلقيَ في قُبور اليهود. ثم أرسلَ إلى أمِّهِ أسماءَ بنتِ أبي بكر، فأبَتْ أنْ تأتيَه. فقال: لَتأييَنِّي، أو لأبْعَثَنَّ إليها من يسحبُها بقُرونها. فقالت: واللهِ لا آتيهِ حتَّى يبعثَ إليَّ مَنْ يسحبُني بقُروني. فقال: أرُوني سِبْتِيَّ (٥). فأخذ نعليه، ثمَّ انطلق يَتَوَذَّفُ (٦)، فدخل عليها، فقال: كيف رَأَيتني صنعتُ بعدوِّ الله؛ قالت: [رأيتُك] أفسدتَ عليه دنياه،


(١) من قوله: قال ابن سعد بإسناده عن محمد بن القاسم … إلى هذا الموضع (وهو ما بين حاصرتين) من (م). وهو في "طبقات" ابن سعد ١٠/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٢) الخبر في "صحيح" مسلم (٢٥٤٥) ونُسب في (م) إليه.
(٣) هي عقبة بمكة. وسيرد ذكرها. وينظر "شرح صحيح مسلم" ١٦/ ٩٨.
(٤) كذا في النسخ الخطية. وذكر النووي في "شرح صحيح مسلم" ١٦/ ٩٩ أنَّه كذلك في كثير من نُسخ مسلم، ونقل عن القاضي عياض أنَّه خطأ وتصحيف، وأن الصواب: لأُمَّةُ خير.
(٥) هي النعل التي لا شعر عليها. ينظر "شرح صحيح مسلم" ١٦/ ٩٩.
(٦) أي: يسرع. عن أبي عُبيد. أو: يتبختر. عن أبي عمر. ينظر "شرح صحيح مسلم" ١٦/ ٩٩.